قيل: إن ملك بابل أهدى إلى ملك أضول وردة، فأنكر ما رأى من شوكها و كافأه بأصول الغبيراء، لأن زهرتها تولد داء عظيما إذا شمت. فلما أينعت أصول الورد عنده سرّ به، فندم على ما كان منه فأهدى إليه شجر الخلاف و هو دواء لما تولده الغبيراء. و قيل: كان المتوكل حرّم الورد على جميع الناس، و قال: لا يصلح للعامّة فكان لا يرى إلا في مجلسه.
و كان في أيامه يلبس الثياب الموردة و يفرشها و يورّد جميع الآلات و رفع صاحب الخبر إلى المأمون أنّ حائكا يعمل العام كله لا يتعطّل في عيد و لا جمعة، فإذا طلع الورد طوى عمله و غرّد بصوت و قال:
طاب الزمان و جاء الورد فاصطبحوا # ما دام للورد أزهار و أنوار
فإذا شرب مع ندمائه غنّى:
أشرب على الورد من حمراء صافية # شهرا و عشرا و خمسا بعدها عددا
فلا يزال في صبوح و غبوق ما بقيت وردة فإذا انقضى عاد إلى عمله و أنشد:
فإن يبقني ربّي إلى الورد أصطبح # و ندمان صدق حاكة و نبيط
فقال المأمون: لقد نظر الورد بعير جليلة فينبغي أن نعينه على هذه المروءة. و أمر أن يدفع إليه في كل سنة عشرة آلاف درهم. و قال الحسين رضي اللّه عنه: حباني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بكلتي يديه وردة و قال إنه سيد رياحين الجنّة ما خلا الآس.