قال أبو تمّام:
إن الربيع آثر الأزمان
و قال بعضهم: الربيع بهجة الدنيا و مجمع المنى و قال ابن المعتز:
أنظر إلى دنيا ربيع أقبلت # مثل المهاة تبرّجت لزناة [1]
و قال آخر:
فالراح قد باحت بأسرار النّدى # فتنفس الريحان في الجنّات [2]
و قال ابن محارب القمي:
تأمّل في ربيع الأرض و انظر # إلى آثار ما صنع المليك [3]
عيون من لجين شاخصات # كأن حداقها ذهب سبيك [4]
على قضب الزبرجد شاهدات # بأنّ اللّه ليس له شريك [5]
تفضيل الربيع على سائر الأزمنة و مفاضلة الصيف و الشتاء
قال الصنوبريّ:
إن كان في الصيف ريحان و فاكهة # فالأرض مستوقد و الجوّ تنوّر
و إن يكن في الخريف النخل مخترفا # فالأرض عريانة و الجوّ مقرور [6]
و إن يكن في الشتاء الغيث متّصلا # فالأرض محصورة و الجوّ مأسور
ما الدهر إلا الربيع المستنير إذا # أتى الربيع أتاك النّور و النّور [7]
الأرض ياقوته و الجوّ لؤلؤة # و النبت فيروزج و الماء بلور [8]
و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصامه و طال ليله فقامه.
الحثّ على اللهو أيام الربيع و على التمتع بها
قال أمير المؤمنين كرّم اللّه وجهه: إذا دخلت البساتين فأطل تأملها، فإن فيها جلاء للبصر و ارتياحا للهم و الفكرة و تكرمة للطبائع و تسكينا للصداع.
قال ابن سكرة الرازي:
لائمتي في المدام ظالمتي # لا سيّما و الربيع قد هجما
[1] شبه قدوم الربيع بالمهاة المتبرّجة و إلى مثل هذا المعنى أشار ابن الرومي، و هو يصف الطبيعة عند قدوم الربيع بقوله:
تبرّجت بعد حياء و خفر # تبرّج الأنثى تصدّت للذّكر
[2] الراح: الخمر.
[3] المليك: اللّه، خالق الوجود.
[4] اللجين: الفضّة.
[5] الزبرجد: حجر كريم كالزمرد، و منه الزبرجد الأخضر، و اللفظة فارسيّة.
[6] المقرور: المقشعرّ من البرد.
[7] النّور: الزهر.
[8] الفيروزج: حجر كريم كالفيروز و اللفظة فارسيّة.