كأنّ بني نعش نساء حواسر # قرائب قد شيّعن نعش قريب
و قال ابن طباطبا في وصف ليلة مقمرة:
و ليلة مثل يوم شمسها قمر # بدت بدوّ الضّحى ظلاّء قمراء
يا حسنها ليلة عاد النهار بها # أنسا و طيبا و إشراقا و لألاء
و قال ابن المعتز:
بيضاء قمراء أتاها صبحها # و ثيابها من ظلمة لم تدنس
و قال آخر:
كأنما فضة ذابت على البلد
ظلمة الليل
قال بعض الأعراب: خرجت في ليلة حندس [2] قد ألقت على الأرض أكارعها [3]
فمحت صور الأبدان فما كنا نتعارف إلا بالآذان. و قال آخر: سريت ليلة حين انحدرت أيدي النجوم و شالت أرجلها، فما زلت أصدع [4] الليل حتى تصدع لي الفجر.
و سأل هشام بن عبد الملك خالد بن صفوان فقال: كيف سيرك؟فقال: قتل أرضا عالمها و قتلت أرض جاهلها بينا أنا أسير ذات ليلة إذ عصفت ريح شديدة اشتدت ظلماؤها و أطبق سناؤها و طبّق سحابها، و نطق ذبابها، فبقيت محرنجما كالأشقر إن تقدم نحر و إن تأخر عقر، لا أسمع لواطئ همسا و لا لنائح جرسا، تدلت عليّ غيومها و توارت عنّي نجومها، فلا أهتدي بنجم طالع و لا بعلم لامع، أقطع محجة و أهبط لجّة في ديمومة قفر بعيدة القعر، فالريح تخطفني و الشول تخبّطني، في ريح عاصف و برق خاطف، قد أوحشني أكامها و قطعني سلامها. فبينا أنا كذلك و قد ضاقت عليّ معارجي و سدّت مخارجي، إذا بدا نجم لائح و بياض واضح و عرضت لي أكام محرملة [5] ، فإذا أنا بمصانعكم هذه فقرّت العين و انكشف الرين و ذهب الاين.