و قال الطائي:
مضى طاهر الأخلاق لم تبق بقعة # من الأرض إلا تشتهي أنها قبر
و قال:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه # فطيب تراب القبر دلّ على القبر
المرثي بالعلم
أنشد أبو نواس أبا عبيدة في مرثية خلف الأحمر قوله:
أودى جماع العلم مذ أودى خلف # فليذمّ من العياليم الخسف [1]
رواية لا يجتني من الصحف
و في أبيات كثيرة قال ما أحسنها و طوبى لمن يرثى بمثلها، فقال: مت راشدا و علي أن أرثيك بخير منها، و لما مات سفيان بن عيينة.
قال ابن مناذر:
راحوا بسفيان على نفسه # و العلم مكسوين أسفانا [2]
لا يبعدنك اللّه من هالك # ورّثنا علما و أحزانا
و قال آخر:
يبكيك للمجد أقلام مهذبة # و الأمر و النهي و الديوان و العمل
و قال التنوخي:
ثوى الفقه في قعر الثرى مذ ثوى به # و غاصت بحار الشعر و انقطع النظم
و لو أنّ هذا الموت خصم مفوّه # لأفحمه من عزّ ألفاظه خصم
المرثي بالزّهد و العبادة
رأى رجل ميتا فقال: كان و اللّه بالليل قوّاما و بالنهار صوّاما يجمع بين طرفي النهار و الليل بالعبادة، كما قال الأفوه:
لقد أبقى مكانك في لؤي # و آل محمد خللا مبينا
و ليل قد دأبت له بآي # من الفرقان بين الساجدينا
فآنس شخصك الجدث المعفّى # و أوحش قبرك المتهجّدينا [3]
[1] أودى: ذهب بـ-العياليم: جمع عيلم، و هو البئر الواسعة-الخسف: البئر المحفورة في صخر و ماؤها لا ينقطع.
[2] أسفانا: الأسفان الأسف مصدر أسف أي بالغ في الحزن و الغضب.
[3] الجدث: القبر-المتهجّد: الذي يصلّي الليل.