و قال أبو تمّام:
و قد كان لو ردّ غرب الحمام # شديد توقّ طويل احتماء [1]
التصامم عن النعي و التوجّع له
قال:
و في السمع عمّا خبّروا غدوة وقر [2]
و قال آخر:
أعلّل نفسي بالمرجم غيبة # و كاذبتها حتى أبان كذابها
و قال اليربوعي:
و لما نعى الناعي بزيد تغوّلت # بي الأرض فرط الحزن و انقطع الظهر [3]
عساكر تغشى النفس حتّى كأني # أخو سكرة دارت بهامته الخمر
و قال الموسوي:
أبدي التصامم عنه حين أسمعه # عمدا و قد بلغ الناعون أسماعي
من دعا على ناعيه و دافنيه
قالت الخنساء:
ألا ثكلت أم الذين غدوا به # إلى القبر ما ذا يحملون إلى القبر؟
و قال أبو فراعة:
لأمك الويل تترى أيّها الناعي # أوجعت سوداء قلبي أيّ إيجاع [4]
قوم تفانوا واحدا بعد واحد
قال رجل من خثعم:
نهل الزمان و علّ غير مصرّد # من آل عتّاب و آل الأسود [5]
فاليوم أضحوا للمنون و سبقه # من رائح عجل و آخر مقتد
و قال ابن هرمة:
أنهب للمنية يعتريهم # رجالي أم هم درج السّيول [6]
[1] غرب الحمام: سهم غرب: لا يعرف راميه، و الحمام: الموت.
[2] الوقر: الحمل الثقيل.
[3] تغوّلت الأرض: انخفضت.
[4] تترى: متتابعة-سوداء القلب: مهجته.
[5] نهل: شرب أول الشرب و علّ شرب ثانية-غير مصرّد: أي غير قليل.
[6] نهب المنية: هجوم الموت-يعتريهم: يصيبهم.