و قال المتنبّي:
أجد الحزن فيك حفظا و عقلا # و أراه في الخلق وعرا و جهلا [1]
شق الجيب
نهى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن شقّ الجيوب. قال أبو سعيد البلخي: من أصيب بمصيبة فشقّ ثوبا و ضرب صدرا فكأنما أخذ رمحا يريد أن يقاتل به ربّه.
قال المتنبّي:
علينا لك الإسعاد إن كان نافعا # بشقّ قلوب لا بشقّ جيوب
و قال أبو عطاء:
عشية قام النائحات و شقّقت # جيوب بأيدي مآتم و خدود [2]
و قال رجل من طيء:
و لو لم يفارقني عطية لم أهن # و لم أعط أعدائي الذي أمنع
شجاع إذا لاقى ورام إذا رمى # و ها أنا ذا ما أظلم الليل مصرع [3]
و قال أبو الشّيص:
يا أيّها الدهر أقصر عن تنقّصنا # فلست منتهيا عن غشمنا أبدا [4]
أضحى سنان قناتي بعد حدّته # مرّت به عثرات الدهر فانقصدا [5]
زيارة القبور و تجديد الحزن بها
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها و لا تقولوا هجرا.
قال عبد الملك الحارثي:
أتيناه زوّارا فأمجدنا قري # من البثّ و الداء الدخيل المخامر [6]
و أبنا بزرع قد نما في صدورها # من الوجد يسقى بالدّموع البوادر [7]
و قال خلف بن خليفة:
و بالدير أشجاني فكم من شبح له # دوين المصلّى بالبقيع شجون
ربى حولها أمثالها إن أتيتها # ترينك أشجانا و هنّ سكون
[1] وعرا: صعبا.
[2] شقّت الجيوب: كناية عن الحزن و النحيب.
[3] مصرع: مطروح.
[4] غشمنا: ظلمنا.
[5] انقصد: انكسر.
[6] ناقري: السهم الذي يصيب الهدف-أمجد: أكثر-المخامر: المداخل-خامره: داخله-أبنا: عدنا.
[7] البوادر: المسرعات و المستبقات.