نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 502
الحثّ على تصوّر الموت
قال بعض الخلفاء لابن السماك: عظني و أوجز. فقال: اعلم أنك أول خليفة تموت و هذا كما سأل أزدشير بعض الحكماء عن دار بناها، و قال هل ترى فيها عيبا؟فقال: نعم عيبا لا يمكنك إصلاحه، فقال و ما هو؟قال: لك منها خرجة لا عود بعدها أو دخلة لا خروج بعدها. و قال روح بن عبادة رأيت في منامي كأن قائلا يقول:
لا تكونوا كالأولى من قبلكم # لم يخافوا بأسنا حتى نزل
و كتب أبو العتاهية على سقف بيته بتزويق:
أ تطمع أن تخلد لا أبا لك # أمنت قوى المنية أن تنالك
أما و اللّه إنّ لها رسولا # بها لو قد أتاك لما أقالك [1]
كأنّي بالتّراب عليك يحثى # و بالباكين يقتسمون مالك
و لست مخلّفا في النّاس شيئا # و لا متزوّدا إلا فعالك
و كان الحسن إذا خوف من الموت يقول للشيوخ: الزرع إذا بلغ لا بد أن يحصد.
و يقول للشبان: هل رأيتم زرعا لم يبلغ أدركته الآفة؟و قيل أذكر حفرة سمكها قصير و ساكنها أسير.
و قيل: من ضاق به أمر فليتذكر الموت فإنه يتسع عليه، و نحوه: من أحسن بأنه يموت فليس ينبغي أن يغتم لأمر صعب ينزل به.
و قيل لجعفر بن محمد عليهما السلام: كيف صار الموت يأخذ على فنون شتى، فقال: أحب اللّه أن لا يؤمن على حال. شكا رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قساوة قلبه فقال: أكثر من ذكر هادم اللذات فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه عليه و لا في سعة إلا ضيقها عليه.
و قال معبد الجهني: نعم نصيحة القلب ذكر الموت يطرد فضول الأمل و يكف غرب المنى و يهوّن المصائب و يحول بين القلب و بين الطغيان. و قيل: ما دخل ذكر الموت بيتا إلا رضي أهله بما قسم اللّه لهم وجدوا في أمر آخرتهم. و قيل: أبلغ العظات النظر إلى محل الأموات و مصارع البنين و البنات.
التّخويف من الموت بما يشاهد
قال الحسن، و قد قعد عند رأس ميت: أن امرأ هذا آخره لأهل أن يزهد فيما قبله، و إن امرأ هذا أوله لأهل أن يحذر ما بعده. وقف أعرابي على قبر هشام و خادم له يقول ما لقينا بعدك صنع بنا، فقال الأعرابي: ايها عليك أما أنه لو نشر لأخبر أنه لقي أشد مما لقيتم.