نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 407
المسرّة من حيث تخشى المضرّة
قال اللّه تعالى: فَعَسىََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اَللََّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً[1] و قيل:
خف المضار من خلل المسار، و أرج النفع من موضع المنع. فأكثر ما يأتي الآمن من محل الفزع. و قال حكيم: أعناق الأمور تتشابه، فرب محبوب في مكروه و مكروه في محبوب و مغبوط بنعمة هي داؤه و مرحوم من داء فيه شفاؤه.
و قيل: ربّ سلامة تكون للتلف سببا و مكروه يكون للنجاة مفتاحا.
و قد يأسف المرء من فوت ما # لعلّ السلامة من فوته [2]
و قال حكيم: للّه مصالح في مكاره عباده. و قيل: العاقل لا يجزع لأول نكبة و لا يفرح بأول نعمة فربما أقلع المحبوب عما يضرّ و أسفر المكروه عما يسرّ.
كم مرة حفّت بك المكاره # خار لك اللّه و أنت كاره [3]
و قال أبو عمرو بن العلاء خرجت هاربا من الحجّاج فسمعت أعرابيا ينشد:
ربّما تجزع النفوس من الأ # مر لها فرجة كحلّ العقال
سبب البلاء سبب إتيان الرخاء. و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: اشتدي أزمة تنفرجي. و قيل: إذا اشتد الأمر هان.
من أشرف على الهلاك ففرّج اللّه تعالى عنه
أتى يزيد بخارجي فأراد قتله، فقال:
عسى فرج يأتي به اللّه إنه # له كلّ يوم في خليقته أمر
فقال: و اللّه لأضربنّ عنقك اقتلوه. فدخل الهيثم بن الأسود فقال أمسكوه قليلا، فدنا منه فقال: يا أمير المؤمنين هب مجرم قوم لوافدهم، فقال: هو لك، فخرج الخارجي و هو يقول: تأبّى على اللّه فأبى إلا أن يكذبه و غالبه فأبى إلا أن يغلبه.
و أحضر رجل ليقتل في أيام نازوك فدعا بطعام فأخذ يأكل و يضحك، فقيل: تضحك و أنت مقتول؟فقال: من الساعة إلى الساعة فرج فسمعت صيحة فقيل: مات نازوك، فخلوا الرجل.
و شدّ بعض العمال رجلا إلى أسطوانة يريد ضربه، فقال: حلّني من هذه إلى هذه فحله فما حله إلا و قد عزل و شدّ إلى الاسطوانة بعينها.