فعبر بهذا حتّى أنه كان يسمى المتديّث في شعره. قال: و كنت محبوسا في بعض الأحايين فجاء رجل إلى باب السجن، فقال أين المتديث في شعره؟فقلت: لئن كان مني ذلك القول فإني أقول:
ربّما سرّني صدودك عنّي # و إذا ما خلوت كنت التمنّي
و أنشد بحضرة عبد الملك بن مروان قول نصيّب:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت # فيا حربا ممن يهيم بها بعدي [1]
فقال بعض من حضر لقد أساء القول بل كان ينبغي أن يقول:
أوكل بدعد من يهيم بها بعدي
فقال هذا أشرّ من الأول، بل يقال:
فلا صلحت دعد لذي حلّة بعدي
حكم لقاء الرجل بحرمته منكرا
قال عبد اللّه كنا في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذ دخل رجل فقال: أ رأيتم إن وجد الرجل مع امرأته رجلا فتكلم به جلد ظهره، و إن قتل قتل و إن سكت سكت على غيظه. فقال:
اللهم افتح فجعل يدعو فأنزل اللّه تعالى آية اللعان- وَ اَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوََاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدََاءُ إِلاََّ أَنْفُسُهُمْ[2] (الآية) فجاء هو و امرأته إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فتلاعنا، فلما التفت قال: أنظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين فلا أحسب عويمر إلا و قد
[1] يا حربا أو وا حربا: كلمة يندب بها الميت، و تستخدم للتأسّف.