وصف رجل آخر فقال: كان ركوبا للأهوال غير ألوف للظلال. قال أعرابي لوال:
اجعلني زماما من أزمتك التي تجرّبها العدو فإني ممن يتخذ الليل جملا في أثر العدو و أتدرع ظلامه لا نكول و لا أكول. و قيل فلان شديد الحجزة أي الصبر على الشدة، قال الأقرع:
و نكبة لو رمى الرامي بها حجرا # أصمّ من حجر الصوّان لانصدعا [2]
مرت عليّ فلم أطرح لها سلبي # و لا استكنت لها وهنا و لا جزعا
و قال الموسوي:
و كم عجموني فانسللت مهذّبا # و أثّر عودي في نيوب الأعاجم [3]
الموصوف بالقوة
أتى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه رجل يستحمله فقال له: خذ لك بعيرا فأخذ بذنب بعير من إبل الصدقة فجذبه فاقتلعه فتعجب من قوّته، و قال: هل رأيت أقوى منك؟ قال: نعم خرجت بامرأة من أهلي أريد بها زوجها فنزلنا منزلا أهله خلوف، فأقبل رجل و معه ذود [4] ، فضرب إلى الحوض فساورها [5] فنادتني فما انتهيت إليها حتى خالطها فجئت لأدفعه عنها، فأخذ برأسي بين جنبه و عضده فما استطعت حراكا حتى قضى حاجته ثم استلقى. فقالت المرأة: أي فحل هذا لو كان لنا منه سخلة [6] فأمهلته حتى امتلأ نوما فقمت إليه بالسيف فضربت ساقه فأبنتها فانتبه فتناول رجله فرماني بها فأشواني و أصاب رأس بعيري فقتله. فقال عمر: ما فعلت المرأة؟فقلت: هذا حديث الرجل. فكرر السؤال عليه فلم يزده على هذا فظن أنه قتلها.
و كان الوليد شديد القوة و كان يؤتى بسلسلة من حديد و فيها حبل فيشده في رجله و يؤتى بالدابة فيثب عليها وثبة واحدة و لا يمسها بيده فيقطع السلسلة. فقال لأصحابه يوما:
هل تعلمون من هو أصرع مني؟قالوا: نعم رجل بخراسان. فأحضره و قال: أريد أن تصارعني و إن حابيتني قتلتك فصارعه فحمله و وضعه فوق دسته، و قال أنت هاهنا أحسن دع رعيتك يتصارعون بين يديك و لا تدخل معهم فيما لك عنه مندوحة.
[1] الطيّات: جمع طية و هي الثنية-الكشح: من الجسم ما بين السرّة و وسط الظهر.