نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 768
فقليله حرام. و روي أن إبليس لما لعن، قال: يا ربّ اجعل لي شرابا، فقال: شرابك كل مسكر. و روي أنه نزل تحريم الخمر، و هي من خمسة: العنب و التمر و البر و الشعير و العسل، و نهى عن الفصيخ [1] . و قال: ما خمّرته فهو خمر.
تحليله
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: حرمت الخمرة بعينها و المسكر من كل شراب. و سمعت بعض العلماء يحتج في ذلك بقوله تعالى: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً[2] فأخبر على سبيل الامتنان علينا باتخاذ السكر منه، و أخبار لا يصح فيها النسخ. و رفع إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلم رجل شرب مسكرا، فأمر به فضرب، فقال:
ألا أبلغ رسول اللّه عنّي # بأنّي ما سرقت و لا زنيت
شربت شريبة لم تبق عرضا # و لا أنا لذّة منها قضيت
فقال صلّى اللّه عليه و سلم: لو علمت ما ضربته.
استحضر عيسى بن موسى ابن عياش و ابن إدريس فسألهما عن النبيذ، فقال ابن عياش: حلال، و قال ابن إدريس: حرام، فقال ابن عياش: أدركنا أبناء الصحابة و التابعين بهذه المدة يشربونها في الولائم حلالا كانت أو حراما، و بكاؤنا على أصل الدين أشد من بكائنا على النبيذ.
سئل بعض القدماء عن نبيذ العسل، فقال: حرام، فقيل لم؟قال: لأنكم لا تؤدون شكرها. و قال بعضهم: سقاني عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه نبيذا شديدا، و قال: إنا نأكل لحوم هذه الإبل فنشرب عليها النبيذ الشديد ليقطعها في بطوننا. و أتي النبي صلّى اللّه عليه و سلم بنبيذ فشمّه و قطب وجهه ثم ضربه بالماء، و قال: إن هذا الشراب سيغتلم و يشتد فما عليكم فافعلوا به هكذا.
و قال حفص بن غياث: كنت عند الأعمش و عنده نبيذ فاستأذن قوم من أصحاب الحديث فسترته بمنديل فكرهت أن أقول لئلا يراه الداخلون، فقلت: لئلا يقع فيه الذباب، فقال: هيهات هو أمنع جانبا من ذلك.
قال النخعي: كانت الرواية كل سكر حرام فزادوا فيه الميم، و ليس ما قاله بصحيح.
نوادر في تحليله
قال ابن أبي ليلى لأبي حنيفة: أ يحل النبيذ و بيعه و شراؤه؟قال: نعم، قال: أ فيسرك أن أمك نباذة. فقال أبو حنيفة: أ يحل الغناء و سماعه؟قال: نعم، قال: أ فيسرك أن أمك مغنية؟ و وضع رجل بالكوفة على باب المسجد نبيذا بين يديه و جعل ينادي: من يشتري