و قال آخر:
نصبنا له جوفاء ذات ضبابة # من الدهم مبطانا طويلا ركودها [1]
و لما قال مضرس:
و قدر كحيزوم النّعامة أحمشت # بأجذال خشم زال عنها هشيمها [2]
سمع ذلك زياد الأعجم، فقال: و ما حيزوم النعامة لعن اللّه هذه من قدر، فما أحسبها تشبع آل مضرس، فقيل له: فكيف تقول أنت؟قال أقول:
و قدر كجوف الليل أحمشت غليها # ترى الفيل فيها طافيا لم يفصل
لو أن بني حواء حول رمادها # لما كان منهم واحد غير مصطل
غليان القدر
قال الفرزدق:
كأن المجال الغرّ في حجراتها # عذارى بذت لمّا أصيب حميمها [3]
و قال دعبل:
و باتت قدرنا طربا تغنّي # علانية بأعضاء الجزور [4]
و قال الكميت:
كأن هرير الغلي في جنباتها # تغيّظ غيرن عند بعض الضرائر [5]
و قال الشاعر:
و قدور على اليفاع ينادي # الضيف منها تغيّظ الغليان [6]
و قد زاد هذا الشاعر حيث زعم أن غليان قدره يدعو أضيافه، و إن كان فيه غلو معن بن زائدة في وصفه:
إذا اختلفت أوصالها فكأنّما # يزعزعها من شدّة القلي أفكل [7]
كأن صياح الغلي في سجراتها # بغايا عليهنّ الحلي يقعقع [8]
[1] ذات ضبابة: حديدة عريضة يضب بها الباب أو غيره.
[2] حيزوم النعامة: صدرها-أجذال خشم: ما بقي من الخيشوم-الهشيم: اليابس المتكسّر.
[3] المجال: محل الجولان-حجراتها: نواحيها-بذت: ساءت حالتها.
[4] الجزور: ما يجزر من النّوق.
[5] هرير: صوت-تغيظ: تغضب-الضرائر: جمع ضرّة و هي امرأة الزوج.
[6] اليفاع: التلّ المشرف.
[7] الأفكل: الجماعة-يقال: جاء القوم بأفكلهم أي بأجمعهم.
[8] سجراتها: سجر التنور أوقده و أحماه-يقعقع: صوّت.