responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 75

فقال: أ تريد أن أثبت في ديوان النوكي؟و قال سعيد بن سلم: قصدت الكوفة فرأيت ابن المقفع فرحّب بي، و قال: ما تصنع هاهنا؟فقلت: ركبني دين فأحوجت إلى الإزعاج.

فقال: هل رأيت أحدا؟فقلت: ابن شبرمة و عرّفته حالي، فقال: أنا أكلّم الأمين ليضمّك إلى أولاده فيكون لك نفع. فقال: أف لذلك أ يجعلك مؤدبا في آخر عمرك، أين منزلك؟ فعرّفته فأتاني في اليوم الثاني و أنا مشغول بقوم يقرءون عليّ و معه منديل فوضعه بين يدي، فإذا فيه أسورة مكسورة و دراهم متفرّقة مقدار أربعة آلاف درهم، و حينئذ [1] زمان المنصور و في الدراهم ضيق. فأخذت ذلك و رجعت به إلى البصرة و استعنت به.

قال الشاعر:

كفى المرء نقصا أن يقال بأنّه # معلّم صبيان و إن كان فاضلا

و قال آخر:

إنّ المعلّم حيث كان معلّم # و لو ابتنى فوق السّماء سماء

وصايا المؤدّبين في الأولاد

أوصى هشام بن عبد الملك سليمان الكلبيّ، لما اتخذه مؤدّبا أنّ ابني هذا هو جلدة [2] ما بين عينيّ، و قد ولّيتك تأديبه فعليك بتقوى اللّه، و أداء الأمانة فيه، بخلال أوّلها أنك مؤتمن عليه، و الثانية أنا إمام ترجوني و تخافني، و الثالثة كلّما ارتقى الغلام في الأمور درجة ارتقيت معه. و في هذه الخلال ما يرغبك في ما أوصيك به. إنّ أول ما آمرك به أن تأخذه بكتاب اللّه و تقرئه في كل يوم عشرا يحفظه حفظ رجل يريد التكسب به ثم روّه من الشعر أحسنه. ثم تخلّل به في أحياء العرب، فخذ من صالح شعرهم هجاء و مديحا، و بصّره طرفا من الحلال و الحرام و الخطب و المغازي، ثم أجلسه كل يوم للنّاس ليتذكر.

و قال عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: ليكن أوّل إصلاحك لولدي إصلاح نفسك فإنّ عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنته و القبيح ما استقبحته. علّمهم كتاب اللّه و روّهم من الحديث أشرفه، و من الشعر أعفّه و لا تكرههم على علم فيملّوه و لا تدعهم فيهجروه، و لا تخرجهم من علم إلى علم. حتى يحكموه، فازدحام العلم في السّمع مضلّة للفهم. و علّمهم سير الحكماء و هدّدهم و أدّبهم دوني، و لا تتكل على كفاية منك، و استزدني بتأثيرك أزدك إن شاء اللّه تعالى.

و ضرب أبو مريم مؤدّب الأمين و المأمون الأمين بعود فخدش ذراعه فدعاه الرشيد إلى الطعام فتعمّد أن حسر عن ذراعه فرآه الرشيد. فسأله، فقال: ضربني أبو مريم فبعث إليه و دعاه قال فخفت فلما حضرت، قال: يا غلام وضّئه فسكنت و جلست آكل، فقال: ما بال محمد


[1] حينئذ زمان المنصور: حينئذ وقتئذ، يريد في عهد الخليفة المنصور.

[2] جلدة ما بين عينيّ: كناية عن القيمة و القدر العظيم.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست