من لا يفرج عمّا يقع في أنامله
فلان لا تندى أنامله و لا ترجى فواضله، ألين من كفيه الحجر، هو نزر العرف جامد الكف:
كأنّما خلقت كفّاه من حجر # فليس بين يديه و النّدى عمل
و قال آخر:
و هل للصّفا العادي ماء إذا عصر [1]
هو نكد الحظيرة أي مانع لما في يديه. قال شاعر:
لو عبر البحر بأمواجه # في ليلة مظلمة بارده
و كفّه مملوءة خردلا # ما سقطت من كفّه واحده
و قال البحتري:
جدّة يذود البخل عن أطرافها # كالبحر يدفع ملحه عن مائه [2]
و قال الفرزدق:
فتى ماله كالبحر يمنع صاديا # من الريّ منه و كدره أجاجه [3]
و قال الزبرقان:
طوى كلّ معروف و أحضر دونه # عقارب أخشى لسعها و أفاعيا
الرّاجع في هبته و القاطع لصلته
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: الراجع في هبته كالعائد في قيئه، و هذا مما يستدل به على تحريم الرجوع في الهبة بأنه حرام. كما أن أكل المتقيئ حرام.
قال ابن الرومي:
لا تكن كالدّهر في أفعاله # كلّما أعطى عطاياه رجع
أعطى القليل و ذاك مبلغ قدره # ثم استردّ و ذاك مبلغ رأيه
و أجرى بعض الكبار على أعرابي شيئا قطعه عنه، فقال فيه:
إن الذي شقّ فمي ضامن # لي الرزق حتّى يتوفّاني
حرمتني نفعا قليلا فما # زادك في نفعك حرماني
و قال ابن هرمة:
كممكنة من درّها كفّ حالب # و دافقة من بعد ذلك ما حلب
[1] الصّفا: جمع صفاة، و هي الصخرة العريضة الملساء.
[2] جدّة: السّعة، و الجدّة أيضا شاطئ النهر.
[3] الصادي: الشديد العطش-الأجاج: الشديد الملوحة.