نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 647
الفم، فقد تعلم الشر صغيرا. و وقف سائل على قوم، فقال أحدهم صناعتنا واحدة، فقال القائل: فأنا قواد فهل أنتم قوادون.
و كان أبو الأسود يأكل على باب داره تمرا، فوقف عليه أعرابي، فقال: شيخ هم غابر ماضين و وافد محتاجين أكله الفقر و تداوله الدهر، فناوله تمرة، فزجّ بها الأعرابي في وجهه، و قال: جعلها اللّه حظك عنده و ألجأك إليّ كما ألجأني إليك، ليبلوك بي كما بلاني بك.
وقف فقير على باب المافروحى بالأهواز فأعطوه لقمة صغيرة، فقال: هذا الدواء كيف يشرب؟و أعطي سائل مبطنة صغيرة، فقال رحم اللّه من تممها جبة.
و ينشد في من ينسى حاجتك قول الشاعر:
إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسنا # لإخواننا لم تغن عنها الرتائم [1]
و نحوه:
إذ الموصوفون بنو سهوان
اجتمع يحيى بن زياد و حمّاد عجرد و بشار على طعام، فوقف سائل بالباب، فقال:
يا مسلمين، فقال يحيى: فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون. فقال: ارحموني، فقال:
حمّاد: قد رحمناك. فقال اسمعوا كلامي، فقال بشّار:
لقد أسمعت لو ناديت حيّا # و لكن لا حياة لمن تنادي
سأل متكفف الأصمعي، فقال: لا أرتضي لك ما يحضرني، فقال: أنا أرتضيه، فقال: هو بورك فيك. قال:
أ لم ترني أبغضت ليلى و ذكرها # كما أبغض المسكين بورك فيكا
و قال: سائل لعبادة: ارحمني، فقال: قد رحمتك، فقال: تصدّق عليّ، فقال حاجتين في حاجة لا يكون. سأل رجل متكففا، فقال: الصنعة واحدة، فقال: أنا أقود على بنتي و أحمل الكلاب على أمي، لا شك أن الصنعة واحدة.
حكايات عن متكفّف فصيح
قال المازني: وقف علينا أعرابي، فقال: رحم اللّه امرأ يمجّ أذنه كلامي و قدم معذرة لسوء مقامي، فإن الفقر يدعوني إلى إخباركم و الحياء يمنعني من سؤالكم، فقلت له: ممن الفتى؟فقال: إن سؤالا الاكتساب يمنع من الانتساب.
وقف أعرابي على حلقة الحسن البصري، فقال: رحم اللّه امرأ أعطى من سعة، و واسى من كفاف و آثر من قوت، فقال الحسن: ما ترك أحدا منكم حتى سأله.
و قال الأصمعي: وقفت علينا أعرابية، فقالت: أ تأذنون في الكلام فإنه فرج من وساوس الهموم و دليل على ضمائر القلوب؟فقال بعضنا: أما بما يحسن به الاستماع في
[1] الرتائم: جمع الرتيمة خيط يعقد في الإصبع للتذكير.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 647