نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 636
و مثله:
و إذا جفوت قطعت عنك وسائلي # و الدر يقطعه جفاء الحالب
تواطأ أبو دلامة مع أمّ دلامة على أن يأتي هو المهدي فينعاها، و تأتي على الخيزران فتنعيه. فأتى أبو دلامة المهدي و هو يبكي، و أنشد:
و كنّا كزوج من قطا في مفازة # لدى خفض عيش مورق ناضر رغد [1]
فأفردنا ريب الزمان بطرفه # و لم نر شيئا قط أوحش من فرد
فقال له: ما بالك؟فقال: ماتت أم دلامة و إني لاحتاج إلى تجهيزها فأطلق له مالا.
و أتت أم دلامة الخيزران و قالت: إن أبا دلامة مضى لسبيله، فاغتمّت و أمرت لها بمال و أعطتها ثيابا و طيبا. ثم لما دخل المهدي على الخيزران قالت له يا أمير المؤمنين: إن أبا دلامة مضى لسبيله أبقى اللّه أمير المؤمنين، و أمّ دلامة كانت عندي الساعة فأعطيتها التجهيز لزوجها. فقال المهدي: إن أم دلامة مضت لسبيلها و كان عندي أبو دلامة الساعة و أعطيته نفقة تجهيزها، فعلما أنهما احتالا فضحكا و استدعياهما و خوّلاهما شيئا و ضحكا منهما.
و قال رجل لآخر: لو مت أنا ما كنت تفعل؟قال: كنت أكفنك و أدفنك، قال:
فاكسني الساعة ما تكفنني به و إذا متّ فادفني عريانا.
من عرّض بسؤاله أو تلطّف فيه
أكل شعبة مع زياد و هو يتأمله و كان يأكل أكلا ذريعا [2] ، فقال له زياد: كم لك من الولد؟فقال: تسع بنات أنا أجمل منهن و هن آكل منّي، فقال: ما أحسن ما استعطيت لهن فأثبتهن في العطاء.
ساير رجل بعض الولاة، فقال له الوالي: ما أهزل برذونك، فقال: يده مع أيدينا، فوصله. عرض عمرو بن الليث عسكره فمرّ به رجل تحته دابة مهزولة، فقال: أ تأخذون المال و تسمنون به فقاح [3] نسائكم، فقال: أيها الأمير لو نظرت إلى فقحة امرأتي لوجدتها أهزل من كفل دابتي، فضحك منه و أمر له بزيادة عطائه.
و كان لأبي الأسود جبّة خزّ قد تقطّعت، فقال له معاوية: ما تملّ لبسها؟فقال: ربّ مملول لا يستطاع فراقه، فأمر له بمال. قال أبو جعفر الورّاق للصاحب: إن جرذان داري يمشين بالعصار هزالا، فقال: بشّرهن بمجيء الحنطة. و كان أبو الحسن الورّاق قصد سيف الدولة في جملة الشعراء فناوله درجا يوهم أنه شعر له، فنشره سيف الدولة، فقال: ليس فيه شيء مكتوب، فقال: سيدنا يكتب فيه لعبده، فضحك و أمر له بمال.
[1] المفازة: الصحراء الواسعة التي لا ماء فيها-القطا: طائر في حجم الحمام يعيش في الصحراء.