responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 601

و وجدتها محتاجة # فوهبت لذّتها لها

كون الدنيا عبدا لمن زهد فيها

قال زاهد لملك: أنت عبد عبدي لأنك تعبد الدنيا لرغبتك فيها، و أنا مولاها لرغبتي عنها و زهدي فيها. و يقوي ذلك ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أن اللّه أمر الدنيا فقال: من خدمني فاخدميه و من خدمك فاستخدميه. و قيل: من زهد في الدنيا ملكها و من حرص عليها أملكها. و قال الحسن رضي اللّه عنه: أهينوا الدنيا فو اللّه لأهنأ ما تكون حين تهان.

و قال أبو العتاهية:

أرى الدنيا لمن هي في يديه # عذابا كلّما كثرت لديه

تهين المكرمين لها بصغر # و تكرم كلّ من هانت عليه

إذا استغنيت عن شي‌ء فدعة # و خذ ما أنت محتاج إليه‌

الحثّ على التوكّل في أمر الرزق و ترك الحرص‌

قال أبو الدرداء رضي اللّه عنه: إن في القرآن آية لو أن جميع الناس أخذوا بها لكفتهم في القناعة. قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اَللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً `وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاََ يَحْتَسِبُ [1] .

و سئل بزرجمهر عن الرزق، فقال: إن كان قد قسم فلا تعجل و إن كان لم يقسم فلا تتعب. و قال الحسن رضي اللّه عنه: الحريص الجاهد و القنع الزاهد كلاهما مستوف حظّه، و أكله غير منتقص ما قدر له، فعلام التهافت في النار؟ و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: لو توكلتم على اللّه حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا [2] و تروح بطانا [3] . و قيل للحارث كيف قال ذلك و الطير تغدو في طلب الرزق و تروح؟فقال: مهلا إن الطير يأخذ في الحوصلة و أنت لا تقنع بذلك، مع أن الطير لم يخاطب بالضمان منه لرزق و لم ينزل عليه كتاب.

و قال سهل بن وهبان: لا تكونوا للمضمون مهتمين. و قال أعرابي لآخر رآه حريصا:

يا أخي أنت طالب و مطلوب، يطلبك طالب و لن تفوته و تطلب ما كفيته كأنك لم تر حريصا محروما و لا زاهدا مرزوقا.

و قال آخر: إنك لا تدرك أملك و لا تسبق أجلك و لا تغلب على رزقك و لا تعطي حظ غيرك، فعلام تهلك نفسك؟لكل صباح صبوح و لكل عشاء عشاء. و في بعض كتب اللّه: يا ابن آدم لو أن لك الدنيا كلها لم تنل منها إلا القوت فإذا أعطيتك القوت، و جعلت حسابه على غيرك أ لم أكن محسنا إليك.


[1] القرآن الكريم: الطلاق/3.

[2] خماصا: أي ضامرة البطن من الجوع.

[3] بطانا: أي ممتلئة البطن.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 601
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست