و قال الحسن رضي اللّه عنه: ما بسط اللّه على أحد دنياه إلاّ اغترارا، و لا طواها عنه إلا اختبارا. و قال بعضهم: نعمة اللّه علينا فيما طواه عنا أعظم من نعمته علينا في ما بسطه لنا.
و قال محمود الوراق:
من شرف الفقر و من فضله # على الغنى لو صحّ منك النّظر
أنك تعصي لتنال الغنى # و لست تعصي اللّه كي تفتقر
و قال عبدان:
تبيّن فضل الفقر عندي على الغنى # بواحدة فيها عزاء لذي حجر
متى متّ لم آسف على فقد نعمة # يودّ الفتى من أجلها المدّ في العمر
صنوف الفقر و ما يحمد منه:
قيل: الفقر على ثلاثة أقسام، فقر الخلق إلى اللّه و عدم الأملاك لعرض الدنيا و الحرص و هو فقر الناس إلى الناس، و هو الذي استعاذ منه النبي صلّى اللّه عليه و سلم، و المشار إلى فضله ما حكي عن الجنيد أنه قيل له: متى يكون الفقير مستوجبا لدخول الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام؟فقال: إذا كان موافقا للّه تعالى، يعد فقره نعمة يخاف على زوالها مخافة الغني على زوال نعمته و غناه، مستغنيا بربّه، كما قال تعالى للفقراء: اَلَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اَللََّهِ لاََ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي اَلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ اَلْجََاهِلُ أَغْنِيََاءَ مِنَ اَلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمََاهُمْ لاََ يَسْئَلُونَ اَلنََّاسَ إِلْحََافاً وَ مََا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللََّهَ بِهِ عَلِيمٌ[2] الآية.
نفي العار بالفقر
كان النبي صلّى اللّه عليه و سلم يقول: اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين. و كان صلّى اللّه عليه و سلم يستنصر بصعاليك المهاجرين، و قال صلّى اللّه عليه و سلم: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، و اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء، و قال العطوي: