و قيل: إذا رأيت الجاهل مرزوقا و العاقل منحوسا فاعلم أن بين السماء و الأرض أكرادا يقطعون الطرق. و قيل لمدني شكا الفقر: احمد اللّه فإنه رزقك الإسلام و العافية، فقال: أجل لكن جعل بينهما جوعا تقلقل منه الأحشاء. قال شاعر:
يا حجة اللّه في الأرزاق و القسم # و محنة لذوي الأخطار و الهمم
تراك أصبحت في نعماء سابغة # إلا و ربّك غضبان على النعم [2]
و قال آخر:
عجبا للناس في أرزاقهم # ذاك عطشان و هذا قد غرق
سؤال اللّه تعالى الغني بغلظة مقال
قال الأصمعي: رأيت بالموقف أعرابيا قد رفع يده إلى السماء، و هو يقول:
أ ما تستحي يا خالق الخلق كلّهم # أناجيك عريانا و أنت كريم
أ ترزق أولاد اللئام كما ترى # و تترك شيخا من سراة تميم
فقلت له: ما هذه المناجاة؟فقال: إليك عني فإني أعرف من أناجيه، إن الكريم إذا هز اهتز. فرأيته بعد أيام عليه ثياب حسنة، فقال لي: أ لست ترى الكريم كيف أعتب.
و دعا أعرابي، فقال: يا رب إن كنت تدع رزقي لهواني عليك فنمرود كان أهون منّي، و إن كنت تدعه لكرامتي عليك فسليمان بن داود كان أكرم مني، فقيل له: أخذت الحبل بطرفيه.
(7) و ممّا جاء في الزهد و مدح الفقر و ذم الغنى
حقيقة الزهد و الحرص و اليقين
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: ليس الزهادة في الدنيا تحريم الحلال و لكن أن تكون بما في يد اللّه أوثق ممّا في يدك.