و قال العباس بن المأمون لغلامه: إن رأيت نقلا حسنا فاشتر بنصف درهم، فقال المأمون: لا تفلح إذا عرفت للدرهم نصفا. و طلب الحسن رضي اللّه عنه ثوبا، فقيل:
بثلاثة عشر و نصف، فقال: خذ أربعة عشر فالمسلم لا يشاطر أخاه الدرهم.
المتغالي ببيع شيء
ساوم مديني نعلا، فقال صاحبها: بعشرة، فقال المديني: لو كانت من جلد بقرة بني إسرائيل ما أخذتها بأكثر من درهم، فقال الحذاء: لو كانت دراهمك من دراهم أصحاب الكهف ما أعطيتكها. باع رجل شيئا مماكسة، فقال البائع لما باعه: لو صبرت لبعت منك بدرهم، فقال المشتري: لو صبرت لاشتريت منك بأضعاف ما اشتريت دنانير. ساوم أشعب رجلا بقوس، فقال: بدينارين، فقال: لو أنها إذا رمى بها الطير في الهواء يسقط مشويا بين رغيفين ما اشتريتها بدينارين. كان رجل ضلّ له بعير فحلف إن وجده ليبيعنه بدرهم فوجده فلم تسمح نفسه أن يبيعه بدرهم، فعمد إلى سنور فعلقه في عنقه و جعل ينادي عليه: الجمل بدرهم و السنور بخمسمائة و لا أبيعهما إلا معا، فقال رجل: ما أرخص الجمل لو لا قلادته.
ترك مبيع لغلائه
كان الفضيل رضي اللّه عنه إذا أرسل غلامه ليشتري له شيئا فرجع إليه، فقال وجدته غاليا، قال: الحمد للّه إذا غلا علينا شيء تركناه. و قال بعضهم: إذا غلا عليّ شيء تركته فيكون حينئذ أرخص ما يكون، قال شاعر:
و إذا غلا شيء عليّ تركته # فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
و أنشد جحظة هذا البيت مجيزا له:
إلا الدقيق فإنّه قوت لنا # فإذا غلا يوما فقد نزل البلا [2]
و اشتهت امرأة مزبد يوما عليه جراد فقالت: اشتر لي فإن مدا منه بدرهم. فقال لو جاء الدجال بزلزلة المدينة و أنت ماخض بالمسيح تنتظرين أن تأكلي الجراد و تضعي الحمل ما اشتريته بهذا السعر.