استحضر عبد اللّه بن سليمان حجاما شيخا يقال له أبو دلحمة، و قال: أنا متبرم بحجامي لكثرة فضوله. فأخذ آلة التحذيف و طفق يشحذ الموسى فنظر الوزير إلى بعض أصحابه، فقال اعط القوس باريها، فقال أبو دلحمة: ما أول هذا البيت أيها الوزير. فقال الوزير: اللّه أكبر هربت من فضول فوقعت فيما فوقه، و قال ما هو يا أبا دلحمة، فقال:
أنشدني الرياشي بمكة:
يا باري القوس بريا ليس يحسنه # أفسدت قوسك أعط القوس باريها
و كان أبو دلحمة من الشعراء و الفضلاء.
و قال الفضل بن الربيع: قال لي الرشيد أطلب لي حجّاما أصمت من الحجر، فقلت: نعم، لي غلام سكيت، فقال: ابعثه إليّ. فدعوت به و أخذت عليه الوصيّة أن لا ينبس و لا ينبض عرقه إذا خدم أمير المؤمنين و أوصيته بأن يتأهب ثم دخلت إلى الرشيد فرأيته يضحك، و قال لي: إن لذلك الحجام شأنا و لا نراه بعد، ثم سألت فراشا مختصا بالرشيد عن خبره، فقال: إنه لما بدأ بالمحجمة قال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شيء فقال له ما هو؟قال: لم قدّمت الأمين على المأمون و المأمون أسن منه؟قال:
أخبرك بالجواب إذا فرغت، فلم يلبث غير قليل حتّى قال: و أسألك عن شيء آخر، قال الرشيد: هات، قال: لم قبلت جعفر بن يحيى، قال: و هذا أيضا أخبرك به إذا فرغت،