responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 52

مدح صيانة العلم‌

وجّه الرشيد إلى مالك بن أنس‌ [1] رحمه اللّه ليأتيه فيحدثه، فقال مالك إنّ العلم يؤتى فصار الرشيد إلى منزله فاستند معه إلى الجدار، فقال: يا أمير المؤمنين من إجلال اللّه تعالى إجلال العلم. فقام و جلس بين يديه و بعث إلى سفيان بن عيينة فأتاه و قعد بين يديه و حدّثه. فقال الرشيد بعد ذلك: يا مالك تواضعنا لعلمك فانتفعنا به و تواضع لنا علم سفيان فلم ننتفع به.

و في أمثال العرب أن الثعلب و الغراب تحاكما إلى الضب‌ [2] ، فقالا: أخرج و أحكم بيننا. فقال: في بيته يؤتى الحكم.

و قال لقمان لابنه: صن علمك فوق صيانة نفسك. و قيل: لم ير أفضل من الخليل‌ [3]

في التلطّف عن الكسب بالعلم. كان الناس يأكلون بعلمه و هو في خصّ له. و خرج إلى مكّة، و الناس يقولون في الحرمين: قال الخليل، و ذكر الخليل، و رجع إلى البصرة و لم يعلم بمكانه. قال الشيخ رحمه اللّه: و من ملك نفسه هكذا، فحقيق أن يقال رجل فضل و صدق. و للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني:

و لم أبتذل في خدمة العلم مهجتي # لأخدم من لاقيت لكن لأخدما

و لو أنّ أهل العلم صانوه صانهم # و لو عظّموه في النفوس لعظّما

و لكن أهانوه فهانوا و دنّسوا # محيّاه بالأطماع حتّى تجهّما [4]

نهي العلماء عن التّهافت على باب السّلطان‌

قال بعض العلماء: شرار الأمراء أبعدهم عن العلماء، و شرار العلماء أقربهم إلى الأمراء. و دنا سقاء من فقيه على باب السلطان فسأله عن مسألة فقال: أ هذا موضع المسألة؟ فقال السقاء: أ و هذا موضع الفقيه؟ و كتب عبد اللّه بن المبارك رحمه اللّه إلى ابن علية حين ولي صدقات البصرة [5] :

يا جاعل العلم له بازيا # يصطاد أموال المساكين‌ [6]


[1] مالك بن أنس: من كبار الفقهاء في الإسلام و أحد أصحاب المذاهب فيه و مذهبه معروف باسم المذهب المالكي. كانت ولادة مالك في المدينة سنة 97 هـ (715 م) و من أشهر مؤلفاته كتابه الموطّأ و فيه أصول مذهبه. مات سنة 179 هـ (795 م) .

[2] الضبّ: من الزواحف و هو شبيه بالحردون.

[3] الخيل (هنا) : أي الخليل بن أحمد مستنبط علم العروض.

[4] تجهّم: عبس و قطّب وجهه.

[5] البصرة: مرفأ في العراق على شطّ العرب. و كانت البصرة أكثر مدن العراق ازدهارا زمن الدولة العبّاسية. كما كانت مع الكوفة مركزا مرموقا من مراكز العلم و الثقافة العربيّة.

[6] البازي: طير من الجوارح يصاد به و هو أنواع شتّى و الجمع بزاة و أبواز و بيزان، و حامل الباز يقال له البازدار و اللفظة فارسية.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست