و قال الرشيد للفضل: ما أطيب ما في هذه الدنيا؟فقال: رفض الحشمة و ترك علم الطب، فلا عيش لمحتشم و لا لذة لمحتم. و قيل: من عرف ما يضره مما ينفعه فهو مريض. و قال أفلاطون: الموت موتان طبيعي و إرادي، فالطبيعي مفارقة الروح البدن و الإرادي منع الأبدان الشهوات. و قيل: الأبدان المعتادة للحمية آفتها التخليط و الأبدان المعتادة للتخليط آفتها الحمية.
مدح القليل من الطّعام و ذمّ الإكثار
اجتمع أربعة من الأطباء عند المأمون عراقي و رومي و هندي و سوادي، فقال: ليصف كل منكم الدواء الذي لا داء معه، فقال الرومي حب الرشاد، و قال الهندي الهليلج الأصفر، و قال العراقي الماء الحار، و قال السوادي و هو أبصرهم حب الرشاد يورث الرطوبة و الماء الحار يرخي المعدة و الهليلج يرقق البطن، و لكن الدواء الذي لا داء معه أن تجلس على الطعام و أنت تشتهيه. و تقوم عنه و أنت تشتهيه و قيل لطبيب كم آكل فقال خوف الجوع و دون الشبع.
مضرّة الشبع فوق مضرّة الجوع
قال أبقراط: الإكثار من المنافع شر من الإقلال من المضار. و قال أرسطوطاليس:
المطعم و المشرب إذا كثرا على المعدة أطفآ نارها، فجرت الأغذية في البدن غير نصيحة فصار ذلك نقصانا للبدن يورث الفترة كالشجرة إذا كثر ماؤها عفنت و إن قل جفت، و كالسراج إذا قل دهنه أو كثر انطفأ.
و قال محمد بن عبد اللّه بن جعفر: من تغدى و تعشى و لم يأكل فيما بينهما سلم من الأوجاع لقول اللّه تعالى: وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهََا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا[2] . و قال بعض الأطباء: أحب الناس إلينا الرغيب البطن لكثرة حاجاتهم إلينا. و قد ذكر بعض هذا الباب في كتاب الأكلة.
ما تستدام به الصحة من الأكل و الشّرب و الصّوم و الجماع
قال طبيب الحجاج: لا يحفظ الصحة كالأكل بالنهار و تقليل الشرب بالليل و أن لا