نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 470
(3) و ممّا جاء في الغيبة و النّميمة
حقيقة الغيبة
قال محمد بن عبيدة: الغيبة أن تغتابه إذا أقلع لا أن تغتابه و هو مقيم على فسقه، و لذلك قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: ليس للفاسق غيبة. و قال عليه الصلاة و السلام: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و إن لم يكن فقد بهته. و قيل: ما قلته في وجه الرجل ثم تقوله من ورائه فليس بغيبة. و قال بعض الفقهاء: الغيبة أن تذكر الإنسان بما فيه من العيب من غير أن تحوج إليه، و في ذلك احتراز مما يقول الشاهد عند الحاكم.
ذمّ الغيبة و النميمة و فضل تركهما
قال اللّه تعالى: وَ لاََ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ[1] فما رضي بأن جعله آكلا لحم أخيه حتى جعله ميتا. و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: الغيبة أشدّ من الزنا لأن اللّه تعالى يتوب على الزاني و لا يغفر الغيبة إلا بتحليل صاحبها. و قال علي بن الحسين رضي اللّه عنهما إياك و الغيبة فإنها أدم كلاب النار.
و قال قتيبة لرجل يغتاب آخر: لقد تلمظت بمضغة طالما لفظها الكرام، الغيبة مرعى اللئام و جهد العاجز. و قال المأمون: حسبك من السعاية أن ليس في الدنيا صدق مذموم غيرها.
و قال تعالى: هَمََّازٍ مَشََّاءٍ بِنَمِيمٍ[2] ، و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: لا يدخل الجنة قتات [3] ، و قال: النميمة تفطر الصائم و تنقض الوضوء، و قال: من قلّ ماله و كثر عياله و حسنت صلاته و لم يغتب المسلمين كان معي يوم القيامة كهاتين. و قال: عذاب القبر من ثلاثة من الغيبة و النميمة و البول. و قيل: الساعي غاش و إن قال: قول المتنصح. و قال ابن أكثم: القول بالمحاسن في المغيب فريضة على كل ذي نعمة. و قال المأمون لابنه العباس: قلّم أظفارك من جليسك فأخس الناس من دمى جليسه بظفره، قال و للّه در القائل:
لا أخدش الخدش بالجليس و لا # يخشى جليسي إذا انتشبت يدي [4]
من امتنع أن يجعل مغتابه في حلّ
قال رجل لابن سيرين: قد نلت منك فاجعلني في حلّ، فقال لا أحل ما حرم اللّه