و قيل لبعضهم: ما الدهاء؟فقال: قتل العدوّ في لطف.
مدافعة العدوّ بالمداراة
في كتاب كليلة: [1] لا تسلم من العدو القويّ بمثل التذلّل و الخضوع، كما أن الحشيش إنما يسلم من الريح العاصف بانثنائه معها، أينما مالت به الريح ساعدته.
أخذه ابن الرومي فقال:
كالريح و الزرع استكان لمرّها # و عتت فلم تقدر على تقصيفه [2]
كم قد نجا منه الضعيف و ما نجا # منه العنيف بلفّه و لفيفه
و تهاتن الجذع الأبي مهزّه # فأتت عليه و لم ترع لخفيفه [3]
و لهذا الباب نظائر في العداوات.
الجهل بمستقبل الزّمان
قال اللّه تعالى مخبرا عن النبي عليه السلام: و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، و ما مسّني السوء.
قال القطامي:
و ما يعلم الخير امرؤ قبل أن يرى # و لا الشرّ حتّى تستبين دوائره
و قال آخر:
تبين أعقاب الأمور إذا مضت # و تقبل أشباها عليك صدورها [4]
(3) و مما جاء في المشاورة و الاستبداد بالرأي
الحثّ على مراجعة الأودّاء [5] و مدح المشاورة
قال اللّه تعالى: وَ شََاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ [6] و قيل من شاور أهل النصيحة سلم من الفضيحة. و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: المشاورة حصن من النّدامة و أمن من الملامة.
[1] كتاب كليلة: أي كتاب كليلة و دمنة المعروف لابن المقفع.
[2] استكان استكانة: خضع-عتت الريح: اشتدّت و عصفت.
[3] تهاتن... : تتابع-أتت عليه (هنا) : اجتثته، و اقتلعته.
[4] أعقاب الأمور: عواقبها.
[5] الأوداء: ذوو الودّ و النّصحاء.
[6] القرآن الكريم: آل عمران/159.