نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 343
من قبح منظره و حسن مخبره
لما عاد الحجاج من محاربة الخوارج قال: اطلبوا لي فاضلا أخرجه إلى عبد الملك، فأتوه برجل دميم المنظر حسن المخبر، فلما رآه عبد الملك استبشع منظره فاستنطقه فملا أذنه صوابا، فتعجب منه عبد الملك و أنشد متمثلا:
و إن عرارا أن يكن غير واضح # فإني أحبّ الجون ذا المنكب العمّ [1]
فقال: يا أمير المؤمنين أ تدري لمن هذا الشعر؟قال: نعم هو لعمرو بن شاس في ابنه عرار فقال: أنا عرار ابنه فتعجب عبد الملك من مطابقة القول الحال فأمر له بمال و أوصى به إلى الحجاج و كلّم علي بن الهيثم عمر رضي اللّه عنه في حاجة و كان أعور دميما فلما تكلم فأحسن، صعّد عمر رضي اللّه عنه فيه النظر و صوّبه و قال: لكل أناس في جميلهم خبر:
أ لم تسل الفوارس من سليم # بنضلة و هو موتور يشيح [2]
رأوه فازدروه و هو خرق # و ينفع أهله الرّجل القبيح
فلم يخشوا مصالته عليهم [3] # و تحت الرغوة اللبن الصّريح
و استعان عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه برجل كريه المنظر فوجده حسن المخبر، فقال: و لا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا. و قال بعضهم: فلان دميم الخلق كريم الخلق و لئن أمرّت [4] أوراقه لقد حلا مذاقه.
تفاوت أخلاق النّاس
الناس أشكال و شتّى في الشيم # و كلّهم يجمعهم بيت الأدم [5]
الناس في اختلافهم في خلقهم كاختلافهم في خلقهم قال شاعر:
و تفاضل الأخلاق إن حصّلتها # في النّاس حسب تفاضل الأجناس
قال غيره:
الناس أخلاقهم شتّى و إن جبلوا # على تشابه أرواح و أجساد
قال خالد بن صفوان: الناس أخياف منهم من هو كالكلب لا تراه الدهر إلا هرارا [6]
على الناس، و منهم كالخنزير لا تراه الدهر إلا قذارا، و منهم كالقرد يضحك من نفسه. و قال
[1] الجون: الشديد السواد-العمّ: جمع عمومة و أعمام، أخو الأب.