و قال المتنبي:
أبدو فيسجد من بالسّوء يذكرني # و لا أعاتبه صفحا و إهوانا
و قيل لأعرابي: كيف فلان فيكم؟فقال: إذا حضر هبناه و إن غاب اغتبناه [1] . قال:
ذاك هو السيد فيكم.
من نظره ينبئ عن عداوته
و قال زهير:
الودّ لا يخفى و إن أخفيته # و البغض تبديه لك العينان [2]
و قال آخر:
ستور الضمائر مهتوكة # إذا ما تلاحظت الأعين [3]
و ذكر أعرابي قوما فقال: ما زالت عيون العداوة تتجهم فتمجها أفواههم و أسباب المودة تخلق من قلوبهم فتخرس عنها ألسنتهم حتى ما لعداوتهم مزيد.
العداوة المستورة و التحذير منها
قال الشاعر:
و فينا و إن قيل اصطلحنا تضاغن # كماطر أوبار الجراب على النشر [4]
و قد ينبت المرعى على دمن الثّرى # و تبقى حزازات النّفوس كما هيا
و قال أبو نواس:
كمن الشنآن فيه لنا # ككمون النّار في حجره
و إنّ الجرح ينفر بعد حين # إذا كان البناء على فساد
و قيل هدنة على دخل و جماعة على أقذاء. قال شاعر:
و مستخبر عنّا يريد لنا الرّدى # و مستخبرات و العيون سواجم [5]
[1] اغتبناه: من اغتابه اغتيابا أي عابه و ذكره بما فيه من السوء.
[2] الودّ: المودّة و الحب-تبديه: تظهره أو تكشف عنه.
[3] يقول: إن تلاحظ العيون أي تشاكلها و تشابهها يكشف عن الضمائر و يهتك سقورها و حجبها و يظهرها على حقيقتها و يفضح مكنونها.
[4] أوبار: جمع وبر، و الوبر للإبل كالصوف للغنم-جراب: وعاء من جلد.
[5] سواجم: سجم الدمع: سال.