نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 159
و قيل: إذا أردت أن تعرف عقل الرجل فحدّثه في خلال حديثك بما لا يكون فإن أنكره فهو عاقل، و إن صدّقه فهو أحمق.
و قيل: كذّب بالمحالات [1] ، و أقر بالواجبات، و توقّف عن الممكنات.
ذكر أكاذيب متناهية
تكاذب أعرابيان، فقال أحدهما: خرجت مرّة على فرس، فإذا أنا بظلمة فيمّمتها، حتى وصلت إليها. فإذا قطعة من الليل فأنبهتها فما زلت أحمل عليها حتى اصطدتها. و قال الآخر: رميت مرّة ظبيا بسهم فعدل الظبي فعدل السهم خلفه فعلا الظبي ثم انحدر، فانحدر السهم حتى أصابه.
و قال رجل لرؤبة: إن حدثتني بحديث لم أصدقك عليه، فلك عندي جارية. فقال:
ابق لي غلام يوما فاشتريت يوما بطيخة فلما قطعتها وجدته فيها، فقال: قد علمت. فقال:
دبّر لي فرس فعالجته بقشور الرمان فنبت على ظهره شجرة رمان تثمر كلّ سنة. فقال: قد علمت. فقال: لما مات أبوك كان لي عليه ألف دينار، فقال: كذبت يا ابن الفاعلة. فأخذ الجارية.
و قال بعضهم: كان لأبي منقاش [2] اشتراه بعشرين ألف درهم، فقيل له: إذا كان من جواهر أو مكللا فقال: و لكن كان إذا نتف به شعرة بيضاء عادت سوداء. و قال رجل: كان أبي زرع سنة السلجم [3] ، و كان يبلغ مساحة كل شجرة جريب [4] أرض. فقال الآخر: كان أبي اتخذ مرجلا [5] في بعض السنين، و كان يعمل فيه خمسون أستاذا، لا يسمع كل واحد منهم صوت مطرقة الآخر، فقال صاحبه: ما أكذبك أي شيء كان يطبخ في ذلك المرجل؟ فقال: السلجم الذي زرعه أبوك.
و قالت ليلى لأبيها أ رأيت قول أبيك:
بجيش تضلّ البلق في حجراته # بيثرب أخراه بالشأم قادمه
كم كنتم يومئذ؟فقال: حضرتها و كنت أنا و ابني و معنا اثنان.
[1] المحالات: جمع محال أي المستحيل حدوثه أو وقوعه.
[3] السلجم: نوع من اللفت يزرع لإنتاج زيت كان يتخذ للإنارة.
[4] الجريب: من الأرض مساحة أو مقدار معلوم الذراع و هو عشرة أقفزة و كلّ قفيز عشرة أعشرا، و العشير جزء من مائة من الجريب، و قيل الجريب مكيلة معروفة، و قدر ما يزرع فيه من الأرض و يقول ابن دريد لا أحسبه عربيا، و الجريب معان أخرى (انظر لسان العرب، مادة جرب) .