نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 124
الذي يجيبني لا أرتضيه، و ما أرتضيه لا يجيبني. و لبعضهم في المعنى:
أبى الشعر إلا أن يفيء رديئه # عليّ و يأبى منه ما كان محكما
فيا ليتني إذ لم أجد حوك وشيه # و لم أك من فرسانه كنت مفحما
مذاهب النّاس في نقده
مذاهب الناس في ذلك مختلفة. فمنهم من يميل إلى ما سهل، فيقول: خير الشعر ما لا يحجبه شيء عن الفهم. و قال آخر: خير الشعر ما معناه إلى قلبك أسرع من لفظه إلى سمعك. و منهم من يقول: ما كان مطابقا للصدق و موافقا للوصف كما قيل:
و إن أحسن بيت أنت قائله # بيت يقال إذا أنشدته صدقا
و سئل ذو الرّمة عن أشعر الناس فقال: من خبث جيّده و طاب رديئه. و منهم من يميل إلى ما انغلق [1] معناه و صعب استخراجه، كشعر ابن مقبل و الفرزدق. و كثير من النحويين لا يميلون من الشعر إلى ما فيه إعراب مستغرب و معنى مستصعب.
و قال يزدان المتطبب أن أبا العتاهيّة أشعر الناس لقوله:
فتنفست ثم قلت نعم حبا # جرى في العروق عرقا فعرقا
فقال له بعض الأدباء: إنما صار أشعر الناس عندك من طريق المجسة [2] و العروق.
مراتب الشّعراء و الشعر
قال الجاحظ: يقال للمجيد فحل، و لمن دونه مفلق، ثم شاعر ثم شويعر ثم شعرور.
و قيل: أقسام الشعر أربعة: ضرب حسن لفظه و معناه، و إذا نثر لم يفقد حسنه و ذلك نحو:
في كفّه خيزران ريحه عبق # من كفّ أروح في عرنينه شمم
يغضي حياء و يغضى من مهابته # فما يكلّم إلا حين يبتسم
و ضرب حسن لفظه و حلا معناه نحو:
و لمّا قضينا من منى كلّ حاجة # و مسّح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا # و سالت بأعناق المطيّ الأباطح
و ضرب جاد معناه و قصّر لفظه نحو:
خطاطيف حجن في حبال متينة # تمدّ بها أيد إليك نوازع