responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ربيع الأبرار و نصوص الأخبار نویسنده : الزمخشري    جلد : 1  صفحه : 9

و لعلّ الزمخشري لم يجد في وطنه ما تتوق إليه نفسه فتوجه ثانية، نحو سنة 516 هـ إلى بيت اللّه الحرام ليؤدي فريضة الحج و ليقضي البقية الباقية من عمره بجوار بيت اللّه، و في طريقه إليه نظم قصيدته الرائيّة التي تنضح بالزهد و التقوى و التنسّك و التمسّك بحبل اللّه فقال من قصيدة:

سيري تماضر حيث شئت و حدّثي # إني إلى بطحاء مكة سائر

حتى أنيخ و بين أطماري فتىً # للكعبة البيت الحرام مجاور

و اللّه أكبر رحمةٍ، و اللّه أكـ # ثر نعمةٍ، و هو الكريم القادر

يا من يسافر في البلاد منقباً # إني إلى البلد الحرام مسافر

إن هاجر الإنسان عن أوطانه # فاللّه أولى من إليه يهاجر

سأروح بين وفود مكّة وافداً # حتى إذا صدروا فما أنا صادر

حسبي جوار اللّه حسبي وحده # عن كل مفخرةٍ يعدّ الفاخر

لقد استقرّ الزمخشري في مكة يصنف و يؤلف الكتب و يدرّس بين زمزم و المقام؛ و الحقيقة أن هذه المرحلة من حياته تعدّ مرحلة عطاء و إنتاج حيث كتب أشهر مؤلفاته و أنفعها، بعد أن تغيّرت نفسيته الطموحة الحاقدة الثائرة إلى نفس مطمئنة راضية قد انبسط عليها سلطان الدين الإسلامي و نقّى طبيعتها و صفّى مزاجها من كل حقدٍ و غيّ و تهالكٍ على المجد معتبراً نفسه بأنه لم يخلق إلاّ للدين الإسلامي و لم يعش إلاّ لخدمته، فتحلّق حوله فتيان مكة و رحّب به الأمير أبو الحسن علي بن حمزة بن وهاس و مدّ له يد العون بعد أن عرف قدره، و قصده طلاب العلم من أرجاء العالم الإسلامي يأخذون عنه حتى قال قائلهم:

أ مكّة هل تدرين ما ذا تضمّنت # بمقدم جار اللّه منك الأباطح

به و إليه العلم ينمي و ينتهي # و فيه لأرباب العلوم المناجح

محطّ رحال الفاضلين فلم يزل # يحطّ إليه الرّحل غاد و رائح‌

و لكن، على الرغم من الهدوء النفسي، و على الرغم من مجاورته بيت اللّه، و أمنه عاديات الزمن، و ما حقّقه من آمال بمكة، بقي الزمخشري‌

نام کتاب : ربيع الأبرار و نصوص الأخبار نویسنده : الزمخشري    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست