نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 550
و عن شهر بن حوشب، قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة، قال له ابنه: يا أبتاه إنك كنت تقول لنا: ليتني كنت ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت به، حتى يصف لي ما يجد، و أنت ذلك الرجل، فصف لي الموت، فقال: يا بني و اللّه كأن السماء قد أطبقت على الأرض، و كأن جنبي في تخت، و كأني أتنفس من سم إبرة، و كأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي، ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي # في رءوس الجبال أرعى الوعولا
و من غريب ما اتفق
. أن عبد الملك بن مروان لما احتضر، و كان قصره يشرف على بردى، فنظر إلى غسال يغسل الثياب، فقال: ليتني كنت مثل هذا الغسال، أكتسب ما أعيش به يوما بيوم، و لم أل الخلافة. و تمثل بقول [1] أمية بن أبي الصلت:
كلّ حي و إنّ تطاول دهرا.
البيتين المتقدم ذكرهما.
فاتفق له كما اتفق لأمية من الموت عقب ذلك، فلما بلغ ذلك أبا حازم، قال: الحمد للّه الذي جعلهم في وقت الموت يتمنون ما نحن فيه، و لم يجعلنا نتمنى ما هم فيه.
و في الاستيعاب، في ترجمة الفارعة بنت أبي الصلت، أخت أمية بن أبي الصلت، أنها قدمت على النبي صلى اللّه عليه و سلم، بعد فتحه للطائف، و كانت ذات لب و عفاف و جمال، و كان صلى اللّه عليه و سلم يعجب بها، فقال لها صلى اللّه عليه و سلم يوما: «هل تحفظين من شعر أخيك شيئا؟» فأخبرته خبره، و ما رأت منه، و قصت قصته في شق جوفه، و إخراج قلبه، ثم عوده إلى مكانه و هو قائم، و أنشدت له شعره الذي أوله:
باتت همومي تسري طوارقها # أكف عيني و الدمع سابقها
نحو ثلاثة عشر بيتا منها قوله:
ما أرغّب النفس في الحياة و إن # تحيا طويلا فالموت لاحقها
يوشك من فرّ من منيته # يوما على غرة يوافقها
من لم يمت غبطة يمت هرما # للموت كأس و المرء ذائقها