نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 522
و روى ابن عساكر، في تاريخه عن بعض أصحاب الشبلي، أنه رآه في النوم، بعد موته فقال له: ما فعل اللّه بك؟فقال: أوقفني بين يديه و قال: يا أبا بكر أ تدري بما ذا غفرت لك؟ فقلت: بصالح عملي. فقال: لا. قلت: باخلاصي في عبوديتي، قال: لا. قلت: بحجي و صومي و صلاتي. قال: لم أغفر لك بذلك. فقلت: بهجرتي إلى الصالحين، و إدامة أسفاري في طلب العلوم. فقال: لا. فقلت: يا ربي هذه المنجيات التي كنت أعقد عليها خنصري، و ظني أنك بها تعفو عني و ترحمني. فقال: كل هذه لم أغفر لك بها، فقلت: إلهي فبما ذا؟قال: أتذكر حين كنت تمشي في دروب بغداد، فوجدت هرة صغيرة، قد أضعفها البرد، و هي تنزوي من جدار إلى جدار من شدة البرد و الثلج، فأخذتها رحمة لها، فأدخلتها في فرو كان عليك وقاية لها من ألم البرد؟ فقلت: نعم. فقال: برحمتك لتلك الهرة رحمتك.
و أبو بكر الشبلي اسمه دلف بن جحدر، و قيل جعفر بن يونس الخراساني، كان سيدا صالحا محدثا، مالكي المذهب، صحب الجنيد رضي اللّه تعالى عنه، و كان في ابتداء أمره واليا على دنباوند، فتاب في مجلس خير النساج، و كانت له خطفات و سكرات و غرقات توجب تلك الغرقات شطحات، فقام عذره فيها و دخل على الجنيد يوما فوقف بين يديه و صفق و أنشد يقول [1] : .
عودوني الوصال و الوصل عذب # و رموني بالصدّ و الصدّ صعب
زعموا حين أزمعوا أن ذنبي # فرط حبي لهم و ما ذاك ذنب
لا و حقّ الخضوع عند التلاقي # ما جزى من يحب ألا يحب
مضت الشبيبة و الحبيبة فانبرى # دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني # بمودعين و ليس لي قلبان
توفي الشبلي، رحمه اللّه في سنة أربع و ثلاثين و ثلاثمائة، و له سبع و ثمانون سنة.
و في كامل ابن عدي، في ترجمة أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، أنه روى [4] عن عروة، عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها، أنها قالت: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم تمر به الهرة فيصفي لها الإناء فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها. قال: و كان أبو يوسف يقول: من طلب غرائب الحديث كذب، و من طلب المال بالكيمياء افتقر، و من طلب الدين بالكلام تزندق.