قد شاب رأس الزمان و اكتهل # الدهر و أثواب عمره جدد
قل لمعاذ إذا مررت به # قد ضجّ من طول عمرك الأبد
يا بكر حواء كم تعيش و كم # تسحب ذيل الحياة يا لبد
مصححا كالظليم ترفل في # برديك مثل السعير تتقد
صاحبت نوحا و رضت بغلة ذي # القرنين شيخا لولدك الولد
فارحل ودعنا فإن غايتك # الموت و إن شد ركنك الجلد
اللبوءة:
بضم الباء و بعدها همزة: أنثى الأسد، و اللبأة و اللبوة، ساكنة الباء، غير مهموزة لغتان فيها حكاهما ابن السكيت، و يقال لها: العرس أيضا.
قال عون بن أبي شداد العبدي: بلغني أن الحجاج بن يوسف الثقفي، لما ذكر له سعيد بن جبير رحمة اللّه تعالى عليه، بعد قتل عبد الرحمن بن الأشعث [3] ، أرسل إليه قائدا من أهل الشأم من خاصة أصحابه، فبينما هم يطلبون، إذا هم براهب في صومعة له، فسألوه عنه فقال الراهب:
صفوه لي. فوصفوه له، فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجدا يناجي ربه تعالى بأعلى صوته، فدنوا منه و سلموا عليه فرفع رأسه، فأتم بقية صلاته، ثم رد عليهم السلام، فقالوا له:
إن الحجاج أرسل إليك فأجبه. فقال: و لا بد من الإجابة؟فقالوا: لا بد. فحمد اللّه و أثنى عليه و صلى على النبي صلى اللّه عليه و سلم، ثم قام يمشي معهم حتى انتهوا إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان أصبتم صاحبكم؟قالوا: نعم. فقال لهم: اصعدوا الدير، فإن اللبوة و الأسد يأويان حول الدير، فعجلوا الدخول قبل المساء ففعلوا ذلك، و أبى سعيد رضي اللّه عنه، أن يدخل الدير!فقالوا: ما نراك إلا تريد الهرب منا؟قال: لا و لكني لا أدخل منزل مشرك أبدا.
فقالوا: إن لا ندعك فإن السباع تقتلك.
قال سعيد: فإن معي ربي يصرفها عني، و يجعلها حراسا حولي تحرسني من كل سوء، إن شاء اللّه تعالى. قالوا: فأنت من الأنبياء؟قال: ما أنا من الأنبياء، و لكني عبد من عباد اللّه خاطئ مذنب. قالوا له: فاحلف لنا أنك لا تبرح. فحلف لهم. فقال لهم الراهب: اصعدوا الدير، و أوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح، فإنه كره الدخول علي في الصومعة، فدخلوا و أوتروا القسي فإذا هم بلبوة قد أقبلت، فلما دنت من سعيد بن جبير، تحككت به و تمسحت به، ثم ربضت قريبا منه، و أقبل الأسد فصنع مثل ذلك، فلما رأى الراهب ذلك دخلت