نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 415
الجواز، و اتفقوا على جواز اتخاذه للزراعة و الماشية و الصيد، لكن يحرم اقتناء كلب الماشية قبل شرائها، و كذلك كلب الزرع و الصيد لمن لا يزرع و لا يصيد، فلو خالف و اقتنى نقص من أجره كل يوم قيراطان. و في رواية: قيراط، و كلاهما في الصحيح [1] .
و حمل ذلك على نوع من الكلاب، إذ بعضها أشد أذى من بعض أو لمعنى فيها، أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع، فيكون القيراطان في المدائن و نحوها، و القيراط في البوادي أو يكون ذلك في زمنين. فذكر القيراط أولا ثم زاد في التغليظ، فذكر القراطين. و المراد بالقيراط مقدار معلوم عند اللّه عز و جل ينقص من أجر عمله. و اختلفوا في المراد بما نقص منه. فقيل: مما مضى من عمله، و قيل: من مستقبله، و قيل: قيراط من عمل الليل، و قيراط من عمل النهار، و قيل: قيراط من عمل الفرض، و قيراط من عمل النفل.
و أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام، روى القاسم بن سلمة، بإسناده عن علقمة عن عبد اللّه رضي اللّه تعالى عنه أنه قال: أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام، و ذلك أنه قال: يا رب أمرتني أن أصنع الفلك و أنا في صناعته أصنع أياما، فيجيئون في الليل فيفسدون كل ما عملت، فمتى يلتئم لي ما أمرتني به فقد طال علي أمدي؟فأوحى اللّه إليه:
يا نوح اتخذ كلبا يحرسك، فاتخذ نوح عليه السلام كلبا، و كان يعمل بالنهار و ينام بالليل. فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل عمله نبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة و يثب لهم فيهربون منه. فالتأم له ما أراد.
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح، في مناسكه في قوله صلى اللّه عليه و سلم: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب و لا جرس» : فإن وقع ذلك من جهة غيره، و لم يستطع إزالته فليقل: اللهم إني أبرأ إليك مما فعله هؤلاء، فلا تحرمني ثمرة صحبة ملائكتك و بركتهم و معونتهم أجمعين. و أما قوله [2] صلى اللّه عليه و سلم: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب و لا صورة» . فقال العلماء: سبب امتناعهم من البيت الذي فيه صورة، كونها معصية فاحشة، و فيها مضاهاة لخلق اللّه تعالى، و بعضها في صورة ما يعبد من دون اللّه تعالى و سبب امتناعهم من البيت الذي فيه الكلب كثرة أكله النجاسات، و لأن بعض الكلاب يسمى شيطانا. كما جاء في الحديث و «الملائكة ضد الشياطين» ، و لقبح رائحة الكلب، و الملائكة تكره الرائحة الخبيثة، و لأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، و صلاتها فيه، و استغفارها له، و تبركها عليه في بيته، و دفعها أذى الشياطين.
و الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب و لا صورة هم ملائكة يطوفون بالرحمة و التبرك و الاستغفار، و أما الحفظة و الموكلون بقبض الأرواح فيدخلون في كل بيت، و لا تفارق الحفظة بني آدم في حال من الأحوال، لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم و كتابتها.
قال الخطابي: و إنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب و لا صورة، مما يحرم اقتناؤه من الكلاب و الصور، فأما ما ليس اقتناؤه بحرام من كلب الصيد، و الزرع و الماشية، و الصورة التي تمتهن في
[1] رواه البخاري: بدء الخلق 7-17، مغازي 12، لباس 88. و مسلم: لباس 81.
[2] رواه البخاري: بدء الخلق 7-17، مغازي 12، لباس 88. و مسلم: لباس 81.
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 415