نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 231
و قالوا: «أذل من عير» . قيل: المراد به الوتد، لأنه يشج رأسه أبدا. و قيل: المراد به الحمار، و قال الشاعر:
و لا يقيم على خسف يراد به # إلا الاذلان عير الحي و الوتد
هذا على الخسف مربوط برمته # و ذا يشج فلا يرثى له أحد
و قال خالد بن الوليد رضي اللّه تعالى عنه، عند موته: لقيت كذا و كذا زحفا، و ما في جسدي موضع شبر إلا و فيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ثم ها أنا أموت حتف أنفي كما يموت العير، لا نامت أعين الجبناء.
العير:
بالكسر الإبل التي تحمل الميرة، و يجوز أن تجمعه على عيرات. و في الحديث أنهم كانوا يترصدون عيرات قريش.
فائدة
: قال اللّه تعالى: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ اَلَّتِي كُنََّا فِيهََا وَ اَلْعِيرَ اَلَّتِي أَقْبَلْنََا فِيهََا[1] قال ابن عطية: القرية مصر. قاله ابن عباس و غيره، و هو مجاز، و المراد أهلها. و كذلك قوله و العير هذا قول الجمهور و هو الصحيح. و حكى أبو المعالي في التلخيص، عن بعض المتكلمين، أنه قال:
هذا من الحذف، و ليس من المجاز، قال: و إنما المجاز لفظة تستعار لغير ما هي له، و حذف المضاف هو غير المجاز، هذا مذهب سيبويه و غيره من أهل النظر، و ليس كل حذف مجازا. و رجح أبو المعالى في هذه الآية أنه مجاز، و حكى أنه قول الجمهور، أو نحو هذا. و قالت فرقة: بل أحالوه على سؤال الجمادات و البهائم حقيقة من حيث هو نبي فلا يبعد أن تخبره بالحقيقة، قال: و هذا و ان جوز فبعيد.
فائدة أخرى
: أول من قال: «لا في العير و لا في النفير» [2] أبو سفيان بن حرب، و ذلك أنه لما أقبل بعير قريش، و كان النبي صلى اللّه عليه و سلم تحين انصرافها من الشأم، فندب المسلمين للخروج معه و أقبل أبو سفيان حتى دنا من المدينة، و قد خاف خوفا شديدا، فقال للمجد بن عمرو: هل أحسست بأحد من أصحاب محمد؟فقال: ما رأيت أحدا أذكره إلا راكبين أتيا إلى هذا المكان، و أشار إلى مكان عديا و بسيسا عيني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأخذ أبو سفيان أبعارا من أبعار بعيريهما و فركها فإذا فيها نوى، فقال: علائف يثرب، هذه عيون محمد فضرب وجوه عيره عن يسار بدر، و قد كان بعث إلى قريش يخبرهم بما يخافه من النبي صلى اللّه عليه و سلم، فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير و يأمرهم بالرجوع، فأبت قريش أن ترجع، و مضت إلى بدر و رجع بنو زهرة منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان فقال: يا بني زهرة «لا في العير و لا في النفير» [3] . قالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. و مضت قريش إلى بدر، فأظهر اللّه نبيه صلى اللّه عليه و سلم عليهم و لم يشهد بدرا من بني زهرة أحد. قال الأصمعي: يضرب هذا المثل للرجل يحط أمره و يصغر قدره، و اللّه تعالى أعلم.