responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 222

و قال الإمام العلامة أبو البقاء العكبري، في شرح المقامات: إن أهل الرس كان بأرضهم جبل يقال له مخ، صاعد في السماء قدر ميل، و كان به طيور كثيرة و كانت العنقاء به و هي عظيمة الخلق لها وجه كوجه الإنسان، و فيها من كل حيوان شبه. و هي من أحسن الطيور، و كانت تأتي هذا الجبل في السنة مرة، فتلتقط طيوره، فجاعت في بعض السنين، و أعوزها الطير فانقضت على صبي فذهبت به، ثم ذهبت بجارية أخرى، فشكوا ذلك إلى نبيهم حنظلة بن صفوان عليه السلام، فدعا عليها فأصابتها صاعقة فاحترقت. و كان حنظلة بن صفوان عليه السلام في زمن الفترة بين عيسى و محمد عليهما الصلاة و السلام انتهى.

و ذكر غيره أن الجبل يقال له فتح و سميت العنقاء لطول عنقها، ثم إنهم قتلوا نبيهم فأهلكهم اللّه تعالى. و ذكر السهيلي، في التعريف و الأعلام، في قوله‌ [1] تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ أن البئر هي الرس، و كانت بعدن لأمة من بقايا ثمود و كان لهم ملك عدل حسن السيرة، يقال له العلس، و كانت البئر تسقي المدينة كلها، و باديتها و جميع ما فيها من الدواب و الغنم و البقر و غير ذلك، و كانت لهم بركات كثيرة عليها و رجال كثيرون موكلون بها و أوان من رخام، و هي شبه الحياض كثيرة يملأ الناس منها و آخر للدواب، و القوم عليها يستقون الليل و النهار يتداولون ذلك.

و لم يكن لهم ماء غيرها و طال عمر الملك، فلما جاءه الموت، طلوه بدهن لتبقى صورته و لا يتغير، و كذلك كانوا يفعلون بموتاهم، إذا كانوا ممن يكرم عليهم، فلما مات شق عليهم و رأوا أن أمرهم قد فسد، و ضجوا بالبكاء، فاغتنمها الشيطان منهم، فدخل في جثة الملك بعد موته بأيام كثيرة و أخبرهم أنه لم يمت و لا يموت أبدا. ثم قال: و لكن تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم.

ففرحوا أشد الفرح، و أمر خاصته أن يضربوا له حجابا بينه و بينهم، ليكلمهم من ورائه كي لا يعرف الموت في صورته. فنصبوه صنما من وراء حجاب، و أخبرهم أنه لا يأكل و لا يشرب و لا يموت أبدا و أنه لهم إله. و كان ذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه، فصدق كثير منهم ذلك و ارتاب بعضهم، و كان المؤمن المكذب له أقل من المصدق له، و كان كلما تكلم ناصح منهم زجر و قهر، و فشا الكفر فيهم و أقبلوا على عبادته، فبعث اللّه إليهم نبيا، كان ينزل الوحي عليه في النوم دون اليقظة، اسمه حنظلة بن صفوان فأعلمهم أن الصورة صنم لا روح له، و أن الشيطان قد أضلهم و أن اللّه سبحانه لا يمثل بالخلق، و أن الملك لا يجوز أن يكون شريكا للّه تعالى، و وعظهم و نصحهم و حذرهم سطوة ربهم و نقمته، فآذوه و عادوه و هو يعظهم و ينصح لهم حتى قتلوه و طرحوه في بئر. فعند ذلك حلت عليهم النقمة، فباتوا شباعا رواء من الماء، فأصبحوا و البئر قد غار ماؤها، و تعطلت رشاؤها، فصاحوا بأجمعهم و ضج النساء و الولدان، و أخذهم العطش و بهائمهم حتى عمهم الموت، و شملهم الهلاك و خلفهم في أرضهم السباع، و في منازلهم الثعالب و الضباع، و تبدلت جناتهم بالسدر و شوك القتاد، فلا يسمع فيها إلا عزيف الجن، و زئير الأسد. نعوذ باللّه من سطواته، و من الاصرار على ما يوجب نقماته.

قال: و أما القصر المشيد، فقصر بناه شداد بن عاد بن أرم، و لم يبن في الأرض مثله فيما


[1] سورة الحج: آية 45.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست