responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 21

قال شيخنا اليافعي رحمه اللّه: و من المحكي عن سهل رضي اللّه تعالى عنه أيضا، أن أمير خراسان يعقوب بن الليث أصابته علة أعيت الأطباء، فقيل له: في ولايتك رجل صالح يقال له سهل بن عبد اللّه و لو استحضرته ليدعو لك رجونا لك العافية فأحضره و سأله الدعاء، فقال:

كيف يستجاب دعائي لك و أنت مقيم على الظلم؟فنوى يعقوب التوبة و الرجوع عن المظالم و حسن السيرة في الرعية و أطلق من في سجنه من المظلومين فقال سهل: اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة و فرّج عنه، فنهض كأنما نشط من عقال و عوفي من ساعته، فعرض على سهل مالا جزيلا فأبى قبوله فلما رجع إلى تستر قيل له بأثناء الطريق: لو قبلت المال الذي عرض عليك، و فرقته على الفقراء؟فنظر إلى الحصباء فإذا هي جواهر، فقال: خذوا ما أردتم. ثم قال:

من أعطى مثل هذا يحتاج إلى مال يعقوب بن الليث؟ و نظير ذلك من قلب الأعيان ما روي عن الشيخ عيسى الهتار و هو بكسر الهاء و تخفيف التاء المثناة فوق، أنه مر على امرأة بغي فقال لها: بعد العشاء آتيك ففرحت بذلك و تزينت، فلما كان بعد العشاء دخل عليها البيت فصلى ركعتين ثم خرج. فقالت: أراك خرجت؟قال: حصل المقصود، فورد عليها و اراد أزعجها عما كانت عليه فخرجت بعد الشيخ، و تابت على يده فزوجها بعض الفقراء. و قال: اعملوا الوليمة عصيدة و لا تشتروا لها إداما ففعلوا ذلك و أحضروه، و حضر الفقراء و الشيخ كالمنتظر لشي‌ء يؤتى به فوصل الخبر إلى أمير كان رفيقا لتلك المرأة فأخرج قارورتين مملوتين خمرا و أرسل بهما إلى الشيخ و أراد بذلك الاستهزاء، و قال للرسول:

قل للشيخ: قد سرني ما سمعت، و بلغني أن ما عندكم إدام، فخذوا هذا فائتدموا به. فلما أقبل الرسول قال له الشيخ: أبطأت. ثم تناول إحداهما فخضها ثم صب منها عسلا مصفى، ثم فعل كذلك بالأخرى و صب منها سمنا عربيا، و قال للرسول: اجلس فكل فأكل فطعم سمنا و عسلا لم ير مثلهما طعما و لونا و ريحا. فرجع الرسول و أخبر الأمير بذلك فجاء الأمير فأكل و تحير مما رأى و تاب على يد الشيخ.

و يشبه هذا ما حكي عن بعضهم، أنه قال: بينما أنا أسير في فلاة من الأرض، إذا برجل يدور بشجرة شوك، و يأكل منها رطبا جنيا فسلمت عليه فرد علي السلام، و قال: تقدم فكل، قال: فتقدمت إلى الشجرة، فصرت كلما أخذت منها رطبا عاد شوكا، فتبسم الرجل و قال:

هيهات لو أطعته في الخلوات أطعمك الرطب في الفلوات. و حكاياتهم في مثل هذا كثيرة، و إنما نبهت على قطرة من بحار عميقة، و على الجملة فالدنيا تتصور لهم في صورة عجوز تخدمهم كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى قريبا في هذا الباب، و الرجوع في ذلك كله إلى أصل يجب الإيمان به، و هو أن اللّه على كل شي‌ء قدير، و ليس الخرق للعوائد بمستحيل في العقل و اللّه التوفيق.

و حكى‌

: عن الشيخ أبي الغيث اليمني رضي اللّه تعالى عنه، أنه خرج يوما يحتطب فبينما هو يجمع الحطب إذ جاء السبع و افترس حماره، فقال له: و عزة المعبود ما أحمل حطبي إلا على ظهرك، فخضع له السبع فحمل الحطب على ظهره، و ساقه إلى البلد، ثم حط عنه و خلاّه. و نقل أن شعوانة رزقت ولدا فربته أحسن تربية، فلما كبر و نشأ قال لها: يا أماه سألتك باللّه إلا ما وهبتني للّه فقالت له: يا بني أنه لا يصلح أن يهدى للملوك إلا أهل الأدب و التقى و أنت يا ولدي غمر لا

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست