نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 108
يوما، و هي تبيض سبعين بيضة و أكثر، و بيضها يشبه بيض الحمام.
و الضب يخرج من جحره كليل البصر فيجلوه بالتحدق للشمس، و يغتذي بالنسيم و يعيش ببرد الهواء، و ذلك عند الهرم، و فناء الرطوبات، و نقص الحرارات، و بينه و بين العقارب مودة، فلذلك يؤويها في جحره لتلسع المتحرش به إذا أدخل يده لأخذه، و لا يتخذ جحره إلا في كدية جحر، خوفا من السيل و الحافر، و لذلك توجد براثنه ناقصة كليلة لحفره بها في الأماكن الصلبة، و في طبعه النسيان و عدم الهداية و به يضرب المثل في الحيرة و لذلك لا يحفر جحره إلا عند أكمة أو صخرة لئلا يضل عنه، إذا خرج لطلب المطعم، و يوصف بالعقوق لأنه يأكل حسوله فلا ينجو منها إلا ما هرب، و أشار إلى ذلك الشاعر بقوله [1] :
أكلت بنيك أكل الضب حتى # تركت بنيك ليس لهم عديد
و هو طويل العمر، و من هذه الجهات يناسب الحيات و الأفاعي. و من طبعه أنه يرجع في قيئه كالكلب، و يأكل رجيعه. و هو طويل الدم بعد الذبح و هشم الرأس، يقال إنه يمكث بعد الذبح ليلة و يلقى في النار فيتحرك. و من شأنه في الشتاء أن لا يخرج من جحره، و قد أشار إلى ذلك أمية بن أبي الصلت [2] لما جاء إلى عبد اللّه بن جدعان [3] يطلب نائله بقوله:
أ أذكر حاجتي أم قد كفاني # حياؤك إنّ شيمتك الوفاء
إذا أثنى عليك المرء يوما # كفاه من تعرضه الثناء
كريم لا يغيره صباح # عن الخلق الجميل و لا مساء
يباري الريح تكرمة و مجدا # إذا ما الضبّ أجحره الشتاء
فأرضك كلّ مكرمة بناها # بنو تيم و أنت لها سماء
فائدة
: روى الدار قطني و البيهقي، و شيخه الحاكم و شيخه ابن عدي، عن ابن عمر، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان في محفل من أصحابه، إذ جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا و جعله في كمه ليذهب به إلى رحله، فرأى جماعة محتفين بالنبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال: على من هؤلاء الجماعة؟فقالوا: على هذا الذي يزعم أنه نبي. فأتاه فقال: يا محمد ما اشتملت النساء على ذي لهجة أكذب منك، فلولا أن تسميني العرب عجولا لقتلتك و سررت الناس بقتلك أجمعين!فقال عمر رضي اللّه تعالى عنه: يا رسول اللّه دعني أقتله. فقال صلى اللّه عليه و سلم: «لا أ ما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا» . ثم أقبل الأعرابي على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: و اللات و العزى لا آمنت بك حتى يؤمن هذا الضب!و أخرج الضب من كمه و طرحه بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال: إن آمن بك آمنت بك!فقال صلى اللّه عليه و سلم: «يا ضب» ، فكلمه الضب بلسان طليق فصيح، عربي مبين صريح، يفهمه القوم جميعا: لبيك و سعديك يا رسول رب العالمين!فقال صلى اللّه عليه و سلم «من تعبد» قال: الذي في السماء عرشه، و في الأرض سلطانه، و في البحر سبيله، و في الجنة رحمته، و في النار عذابه. فقال صلى اللّه عليه و سلم: «فمن أنا يا ضب» ؟