responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 124

و لما ولي المتوكل أحيا السنة، و أمات البدعة، و كتب للآفاق برفع المحنة و اظهار السنة.

و تكلم في مجلسه بالسنة و أعز أهلها، و أخمد المعتزلة، و كانوا في قوة و نماء إلى أيام المتوكل فخمدوا.

و لم يكن في هذه الملة الإسلامية أهل بدعة أشر منهم، نعوذ باللّه من شر مقالتهم، و نسأل اللّه السلامة من الزيغ و الردى. و كان المتوكل يبغض عليا رضي اللّه تعالى عنه، و يتنقصه، فذكر عليا رضي اللّه عنه يوما و غض منه فتمعر وجه ابنه المنتصر لذلك فشتمه المتوكل و أنشد مواجها له:

غضب الفتى لابن عمه # رأس الفتى في حرامه‌

فحقد عليه، و أغراه ذلك على قتله، لما كان يغلو في بغض علي رضي اللّه تعالى عنه، و يكثر الوقيعة فيه و الاستخفاف به. فبينما المتوكل في قصره، يشرب مع ندمائه، و قد سكر إذا دخل بغا الصغير، و أمر الندماء بالانصراف فانصرفوا، و لم يبق عنده إلا الفتح بن خاقان، فإذا الغلمان الذين عينهم المنتصر لقتل المتوكل قد دخلوا بايديهم السيوف مصلتة، فهجموا عليه فقال الفتح بن خاقان: ويلكم أمير المؤمنين ثم رمى نفسه عليه، فقتلوهما جميعا ثم خرجوا إلى المنتصر، فسلموا عليه بالخلافة.

و كان قتل المتوكل في شوال سنة سبع و أربعين و مائتين و عمره أربعون سنة. و كانت خلافته أربع عشرة سنة و عشرة أشهر و قيل خمس عشرة سنة. و كان أسمر رقيقا، ملج العينين، خفيف اللحية، ليس بالطويل، فيه قصف و انهماك على اللهو و المكاره، لكنه أحيا السنة، و أمات بدعة القول بخلق القرآن، و له كرم زائد و كان قد عزم على خلع ولده المنتصر من ولاية العهد، و تقديم ابنه المعتز عليه، لفرط محبته لأمه، و أخذ يؤذيه و يتهدده إن لم يخلع نفسه، و اتفق مصادرته لوصيف‌ [1] و بغا، فعملوا على قتله، فدخل عليه خمسة نصف الليل و هو في مجلس لهو ففتكوا به و ضربوه بسيوفهم و قتلوا معه وزيره الفتح بن خاقان كما تقدم.

خلافة محمد المنتصر باللّه‌

ثم قام بالأمر بعده ابنه محمد المنتصر باللّه. بويع له بالخلافة في الليلة التي قتل فيها أبوه، و بويع له من الغد البيعة العامة، فلم تطل دولته، و لم يمتع بالملك. روى إنه بسط بين يديه بساطا، فرأى عليه شيئا مكتوبا فلم يعلم ما هو، فأمر بإحضار من قرأه، فإذا كتابته بقلم اليونان، و إذا عليه مكتوب: عمل هذا البساط للملك قباذ بن كسرى قاتل أبيه، و فرش قدامه، فلم يلبث غير ستة أشهر و مات. فتطير المنتصر و اغتم لذلك و أمر برفع البساط و مات في آخر الستة أشهر.

و كانت خلافته ستة أشهر و أياما و عمره ست و عشرون سنة و أمه رومية، و كان مربوعا سمينا أعين أقنى الأنف، مليحا مهيبا، كامل العقل يحب الخير. قيل إن أمراء الترك خافوه، فلما حم دسوا إلى الطبيب بكيس فيه ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة و قيل بل سم في طعامه، فقال لأمه: ذهبت عني الدنيا و الآخرة عاجلت أبي فعوجلت.


[1] وصيف و بغا: حاجبا المتوكل و ابنه المنتصر من بعده.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست