responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الادب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 68
ولم تكن خصلة عندهم تفوق خصلة الكرم، وقد بعثتها فيهم حياة الصحراء القاسية وما فيها من إجداب وإمحال؛ فكان الغني بينهم يفضل على الفقير، وكثيرًا ما كان يذبح إبله في سنين القحط، يطعمها عشيرته، كما يذبحها قرير العين لضيفانه الذين ينزلون به أو تدفعهم الصحراء إليه. ومن سننهم أنهم كانوا يوقدون النار ليلًا على الكثبان والجبال؛ ليهتدي إليهم التائهون والضالون في الفيافي؛ فإذا وفدوا عليهم أمَّنوهم حتى لو كانوا من عدوهم. ويدور في شعرهم الفخر بهذه النيران وأن كلابهم لا تنبح ضيوفهم لما تعودت من كثرة الغادين والرائحين، يقول عوف بن الأحوص1:
ومستنبح يخشى القواء ودونه ... من الليل بابًا ظلمة وستورها2
رفعت له ناري فلما اهتدى بها ... زجرت كلابي أن يهر عقورها3
فلا تسأليني واسألي عن خليقتي ... إذا ردَّ عافي القدر من يستعيرها4
ترى أن قدري لا تزال كأنها ... لذي الفروة المقرور أمٌّ يزورها5
مبررة لا يجعل الستر دونها ... إذا أخمد النيران لاح بشيرها6
إذا الشول راحت ثم لم تفد لحمها ... بألبانها ذاق السنان عقيرها7
واشتهر عندهم بالكرم الفياض كثيرون8، مثل حاتم الطائي الذي ضربت الأمثال بكرمه، وهو يصوره في كثير من شعره كقوله9:
إذا ما بخيل الناس هرت كلابُهُ ... وشق على الضيف الغريب عقورها

1 المفضليات رقم 36 والحيوان للجاحظ "طبعة الحلبي" 5/ 136.
2 مستنبح: من ينبح حتى ترد عليه الكلاب، فيعرف أن حيًّا قريبًّا منه، القواء: الفلاة.
3 بهر: ينبح نبحًا خفيفًا، العقور: العاض.
4 عافي القدر: مستعيرها.
5 ذو الفروة: السائل، المقرور: الذي اشتد به البرد.
6 بشيرها: ضوؤها.
7 الشول: الإبل العظيمة التي لا تحلب، راحت: رجعت، يقول إذا رجعت الإبل من مراعيها عقرها لأهل الحي والضيفان.
8 انظر في أجواد الجاهلية كتاب "المحبر" لابن حبيب "طبع حيدر آباد" ص137.
9 الحيوان 1/ 383.
نام کتاب : تاريخ الادب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست