نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 61
فيضرك» . و قيل: «أمران لا ينفكان من كذب: كثرة المواعيد، و شدة الاعتذار» . و قيل: «كفاك موبخا على الكذب، علمك بأنك كاذب» .
و قال رجل لأبي حنيفة: «ما كذبت قط» ، قال: «أما هذه فواحدة» .
و في المثل: «هو أكذب من اخيذ السند» ، و ذلك أنه يؤخذ الخسيس منهم، فيزعم أنه ابن الملك. و كذلك يقال: «اكذب من سياح خراسان» ، لأنهم يجتازون في كل بلد، و يكذبون للسؤال و المسألة.
و يقال: «هو أكذب من الشيخ الغريب» ، و ذلك أنه يتزوج في الغربة، و هو ابن سبعين سنة، فيزعم أنه ابن أربعين، و يقال: «هو أكذب من مسيلمة» و به يضرب المثل. و مما قيل في ذلك من الشعر:
حس الكذوب من البليّة # بعض ما يحكى عليه
ما إنّ سمعت بكذبة # من غيره نسبت إليه
و قال آخر:
لقد أخلفتني و حلفت حتى # إخالك قد كذبت و إن صدقتا
ألا لا تحلفنّ على كلام # فأكذب ما تكون إذا حلفتا
و قال آخر:
قد كنت أنجر دهرا ما وعدت إلى # أن أتلف الوعد ما جمعت من نشب
فإن أك صرت في وعدي أخا كذب # فنصرة الصّدق أفضت بي إلى الكذب
قال الأصمعي: قال الخليل بن سهل: «يا أبا سعيد أعلمت أن طول رمح رستم كان سبعين ذراعا من حديد مصمت، في غلظ الراقود» [1] ، فقلت: «هاهنا أعرابي له معرفة، فاذهب بنا إليه فحدثه بهذا» . فذهبت به إلى الأعرابي فحدثه، فقال الأعرابي: «قد سمعت بذلك، و بلغنا أن رستم هذا كان هو و اسفنديار أتيا لقمان بن عاد بالبادية، فوجداه نائما، و رأسه في حجر أمه، فقالت لهما: ما شأنكما، فقال: «بلغنا شدة هذا الرجل فأتيناه»