نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 55
لحكماء: «إن الكفر يقطع مادة الأنعام، فكذلك الاستطالة بالصنيعة تمحق الأجر» . و قال علي بن عبيدة: «من المكارم الظاهرة، و سنن النفس الشريفة، ترك طلب الشكر على الإحسان، و رفع الهمة عن طلب المكافأة، و استكثار القليل من الشكر، و استقلال الكثير مما يبذل من نفسه... و فصل من كتاب و لست أقابل أياديك، و لا أستديم إحسانك إلاّ بالشكر الذي جعله اللّه للنعم حارسا، و للحق مؤديا، و للمزيد سببا» .
و ضده، قال بعض الحكماء: «المعروف إلى الكرام يعقب خيرا، و إلى اللئام يعقب شرا، و مثل ذلك مثل المطر، يشرب منه الصدف فيعقب لؤلؤا، و تشرب منه الأفاعي فيعقب سما» . و قال سفيان [1] : «و جدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام» . و قال: «أثار جماعة من الأعراب ضبعا، فدخلت خباء شيخ منهم، فقالوا: «اخرجها» ، فقال: «ما كنت لأفعل، و قد استجارت بي» فانصرفوا و قد كانت هزيلا، فأحضر لها لقاحا، و جعل يسقيها حتى عاشت، فنام الشيخ ذات يوم فوثبت عليه فقتلته. فقال شاعرهم في ذلك:
و من يصنع المعروف في غير أهله # يلاقي الذي لاقى مجير أمّ عامر
أقام لها لمّا أناخت ببابه # لتسمن ألبان اللّقاح الدّرائر
فأسمنها حتى إذا ما تمكّنت # فرته بأنياب لها و أظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من # يجود بإحسان إلى غير شاكر
قيل: و أصاب أعرابي جرو ذئب فاحتمله إلى خبائه و قرب له شاة فلم يزل يمتص من لبنها حتى سمن و كبر ثم شد على الشاة فقتلها. فقال الأعرابي يذكر ذلك:
غذتك شويهتي و نشأت عندي # فمن ادراك أن أباك ذيب
[1] هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (97-161 هـ) إمام الحديث و علوم الدين في عصره. ولد و نشأ في الكوفة. له الجامع الكبير، و الجامع الصغير، و الفرائض.
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 55