نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 43
قالت: «تقتل ظلما» قال: «و كنت تحبين أن أقتل حقا أو اقتل ظلما» .
و شتم رجل المهلب، فلم يجبه فقيل له: «حلمت عنه» ، فقال: «ما اعرف مساويه، و كرهت أن أبهته بما ليس فيه» . و قال سلمة بن القاسم عن الزبير قال: حملت إلى المتوكل و أدخلت عليه فقال: «يا أبا عبد اللّه ألزم أبا عبد اللّه-يعني المعتز-حتى تعلمه من فقه المدنيين» ، فأدخلت حجرة، فإذا أنا بالمعتز قد أتى، في رجله نعل من ذهب، و قد عثر به، فسال دمه، فجعل يغسل الدم، و يقول:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه # و ليس يصاب المرء من عثرة الرّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه # و عثرته بالرّجل تبرأ على مهل
فقلت في نفسي: «ضممت إلى من أريد أن أتعلم منه» .
و ضده، سئل بعض الحكماء عن المنطق فقال: «إنك تمدح الصمت بالمنطق و لا تمدح المنطق بالصمت، و ما عبر به عن شيء فهو أفضل منه» .
و سئل آخر عنهما فقال: «اخزى اللّه المساكتة ما أفسدها للسان، و أجلبها للعي، و و اللّه للمهاراة في استخراج حق أهدم للعي من النار في يابس العرفج» . فقيل له: «قد عرفت ما في المماراة من الذم» . فقال: «ما فيها أقل ضررا من السكتة التي تورث عللا، و تولد داء أيسره العي» . و قال بعض الحكماء: «اللسان عضو فإن مرنته مرن، و إن تركته حرن، و ممن أفرط في قوله فاستقيل بالحلم، ما حكي عن شهرام المروزي، فإنه جرى بينه و بين أبي مسلم [1] صاحب الدولة كلام، فما زال أبو مسلم يحاوره إلى أن قال له شهرام: «يا لقطة» -فصمت أبو مسلم، و ندم شهرام على ما سبق به لسانه، و أقبل معتذرا خاضعا و متنصلا؛ فلما رأى ذلك أبو مسلم، قال:
[1] أبو مسلم الخراساني أحد قادة الثورة العباسية. وجهه إبراهيم الإمام إلى خراسان سنة 746 م أشعل فيها الثورة ضد الأمويين و استولى عليها و على سائر بلاد فارس و لما وصل إلى الكوفة بايع أبا العباس السفاح بالخلافة سنة 749 هـ. و لما خلف المنصور خاف نفوذه فاستدرجه إلى المدائن و قتله سنة 754 م.
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 43