responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 22

الغريبة، و آثار العقول الصحيحة و محمود الأذهان اللطيفة، و من الحكم الرفيعة، و المذاهب القديمة، و التجارب الحكيمة و الأخبار عن القرون الماضية، و البلاد النازحة، و الأمثال السائرة و الأمم البائدة ما يجمعه كتاب.

و من لك بزائر إن شئت كانت زيارته غبا و ورده خمسا، و إن شئت لزمك لزوم ظلك، و كان منك كبعضك. و الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، و الصديق الذي لا يقليك، و الرفيق الذي لا يملّك، و المستمع الذي لا يستزيدك، و الجار الذي لا يستبطئك، و الصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، و لا يعاملك بالمكر، و لا يخدعك بالنفاق.

و الكتاب هو الذي أن نظرت فيه أطال امتاعك، و شحذ طباعك، و بسط لسانك، و جوّد بيانك، و فخم الفاظك و بجّح نفسك، و عمر صدرك، و منحك تعظيم العوام و صداقة الملوك، يطيعك بالليل طاعته بالنهار، و في السفر طاعته في الحضر، و هو المعلم إن افتقرت إليه لا يحقرك، و إن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، و إن عزلت لم يدع طاعتك، و إن هبت ريح اعدائك لم ينقلب عليك، و متى كنت متعلقا منه بأدنى حبل لم تضطرك معه وحشة الوحدة إلى جليس السوء، و إن أمثل ما يقطع به الفرّاغ نهارهم و أصحاب الكفايات ساعات ليلهم، نظر في كتاب لا يزال لهم فيه ازدياد في تجربة، و عقل و مروءة و صون عرض و اصلاح دين، و تثمير مال، و رب صنيعة، و ابتداء انعام. و لو لم يكن من فضله عليك، و إحسانه إليك، إلاّ منعه لك من الجلوس على بابك، و النظر إلى المارة بك مع ما في ذلك من التعرض للحقوق التي تلزم، و من فضول النظر و ملابسة صغار الناس، و من حضور الفاظهم الساقطة، و معانيهم الفاسدة، و اخلاقهم الردية، و جهالتهم المذمومة، لكان في ذلك السلامة و الغنيمة، و احراز الأصل مع استفادة الفرع؛ و لو لم يكن في ذلك إلاّ أنه يشغلك عن سخف المنى، و اعتياد الراحة، و عن اللعب، و كل ما تشتهيه، لقد كان له في ذلك على صاحبه اسبغ النعم، و أعظم المنة [1] .


[1] النص مستل من كتاب الحيوان، ج 1، ص 32-35 مع تغيير طفيف.

نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست