نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 172
و إن هلكت مزّقت خمارها # و اتّخذت من شعر صدارها
فلما هلك صخر اتخذت هذا الصدار، و نذرت أن لا أنزعه حتى أموت» . قال ثور بن معن السلمي: حدثني أبي قال: دخلت على الخنساء في الجاهلية و عليها صدار من شعر، و هي تجهز ابنتها، فكلمتها في طرح الصدار، فقالت: «يا حمقاء و اللّه لأنا أحسن منك عرسا، و أطيب منك درسا، و أرق منك نعلا، و أكرم منك بعلا» . قال عبد الرحمن بن مرة عن بعض أشياخه أن عمر بن الخطاب قال للخنساء: «ما أقرح مآقي عينيك» ؟ قالت: «بكائي على السادات من مضر» ، قال: «يا خسناء إنهم في النار» ، قالت: «ذلك أطول لعويلي» . و مما اخترنا من أشعارها قولها:
تفرّقني الدّهر قرعا و غمزا # و أوجعني الدهر نهشا و وخزا
و أفنى رجالي فبادوا معا # فأصبح قلبي لهم مستفزّا
كأن لم يكونوا حمى يتّقى # إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا
و كانوا سراة بنى مالك # و زين العشيرة مجدا و عزّا
و هم في القديم صحاح الأديـ # م و الكائنون من النّاس حرزا
بسمر الرّماح و بيض الصّفاح # فبالبيض ضربا و بالسّمر و خزا
حززنا نواصي فرسانكم # و كانوا يظنّون أن لا تحزّا
و من ظنّ ممّن يلاقي الحروب # بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا
نعفّ و نعرف حقّ القرى # و نتّخذ الحمد ذخرا و كنزا
و نلبس في الحرب نسج الحديد # و في السّلم نلبس خزّا و قزّا
و روي خبر الخنساء من جهة أخرى: ذكروا أنها أقبلت حاجّة، فمرت بالمدينة و معها أناس من قومها، فأتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: «هذه خنساء، فلو و عظتها فقد طال بكاؤها في الجاهلية و الإسلام» ، فقام عمر و أتاها و قال: «يا خنساء» ، قال: فرفعت رأسها، فقالت: «ما تشاء و ما الذي تريد» ؟فقال: «ما الذي أقرح مآقي عينيك» ؟قالت: «البكاء على سادات مضر» . قال: «إنهم هلكوا في الجاهلية، و هم أعضاد اللهب، و حشو
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 172