responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العيون الغامزه علي خبايا الرامزه نویسنده : البَدْر الدَّمَامِيني    جلد : 1  صفحه : 94
أقول: استطرد الناظم من ذكر عيوب القافية إلى ذكر غيرها فذكر أن الإقعادَ عبارة عن اختلاف العروض من بحر الكامل، ولا شك أنه معيب وإن كان وَقَعَ لبعض فحول الشعراء، أنشدوا منه لامرئ القيس:
اللهُ أنجحُ ما طلبتُ بهِ ... والبرُّ خيرُ حقيبةِ الرجلِ
بعد قوله:
يا ربّ غانيةٍ تركتُ وصالها ... ومشيتُ متئداُ على رِسْلى
فجمع بين العروض الحذّاء والعروض التامة. وأنشد منه الجطيب التبريزي:
إنّا وهذا الحَيِّ من يَمَنٍ ... عند الهياجِ أعزةٌ أكفاءُ
قومٌ لهمْ فينا دماءٌ جمّةٌ ... ولنا لَدَيهِم إحنةٌ ودماءُ
وربيعةُ الأذنابِ فيما بيننا ... ليسوا لنا سلماً ولا أعداءُ
متردوون مذبذبون فتارةً ... مُتَنزِّرون وتارةً حلفاءُ
إن ينصرونا لا نعِزُّ بنصرهم ... أو يحذلونا فالسماءُ سماءُ
فجمع أيضاً بين العروضين، فالبيت الأول عروضه حذّاء وسائر الأبيات عروضها تامة. ومنه قولُ الآخر:
أفبعدَ مقتلِ بنِ زُهيرٍ ... ترجو النساءُ عواقب الأطهارِ
فاستعمل عروضه مقطوعةً، ثم قال:
من كان مسورواً بمقتل مالكِ ... فليأتِ نسوتنا بوجهٍ نهارٍ
يجدِ النساءَ حواسراً يندبنه ... بالصبح قبلَ تبلّجِ الأسحارِ
فاستعمل العروض فيها تامةٌ، وعلى ذِكر هذين البيتين فنقول: قال الشيخ جمال الدين بن نباتة المصري خاتمة الأدباء الفضلاء بالديار المصرية في كتابه المسمى ((بمجمع الفرائد)) : ((كانت العربُ إذا قُتل منها قيتل شريف لا يُبكى عليه ولا تندبه النساء إلى أن يقتل قاتله، فإذا فُعل ذلك خرجت النساءُ وندبنه، فأراد: من كان مسروراً بمقتل مالك معتقداً أنه لم يقتل قاتتله فليأت نسوتنا ليكذب ظنَّه ويزيل شماتته وسروره إذا وجدهن يلطمن ويندبن علماً بأن قاتله قد قُتل. وخصّص وجهَ النهار لأنه أوضح للأمر وأثبت لمعرفة النساء. وقال قوم: إنما أراد التفجع والتوجع، يعني أنه من كان مقتلُ مالك يَسره ويعجبه فليأت نسوتنا وهن يندبنه ليجد مقتله قد صح، وهذا كلامُ غيرِ عارفٍ بمذاهب العرب، وما أكثر من يقنع من كلامهم بالظاهر وتفوته هذه الدقائق. قلت: فإنه رحمه الله تعالى مع تنبهه لهذه الدقائق (لم يورد) ما غضّ به بعضهم من أبي تمام في اختياره لمثل قوله ((فليأت نسوتنا)) مع ما فيه من البشاعة، وهو نقد رائج. ثم قال: وأما قوله: بالصبح قبل تبلّج الأسحارِ فإن فيه سؤالاً لطيفاً، وذلك أن الصبح لا يكون إلا بعد تبلّج الأسحار فكيف بقول قبله؟ والجوابُ أنه أراد بقوله يندبه بالصبح أي يصفنه بالخلال المضيئة والمناقب الواضحة التي هي كالصبح ظهوراً ومعرفةً، ولم يُرد الصبح الذي هو دليلٌ على النهار. ويُروى ((في الصبح)) وعنى بذلك في الأمر الواضح مِن قتل قاتله. وبعد هذين البيتين بيتٌ يتعلق به حكايةً، وهو أن أبا عمرو الجرمي قال يوماً في مجلس الأصمعي: ما بقي شيء من الغريب في الشعر والعربية إلا وقد أحكمته. فسمعه الأصمعي فقال له: كيف تنشد هذا البيت:
قد كُنّ يخبأْنَ الوجوه تستّراً ... فالآن حين بدأن للنظارِ
فقال ((بديْن)) ، فقال له اخطات، فقال ((بد أن)) فقال أخطات، إنما هو ((بدا يبدو)) إذا ظهر. انتهى كلامه. وقوله ((وقل مثله التحريد في الضرب حيث جا)) يعني أن التحريدَ بالنسبة إلى الضروب كالإقعاد بالنسبة إلى الأعاريض فيكون المراد به اختلافها والإتيان بها على وجوه متباينة لا يجوز الجمع بينها، إلا أن التحريد يخالف الإقعاد من حيث أن التحريد اختلافُ الضروب حيث كانت من البحور لا يختص ببحر دون بحر، والإقعاد في العروض مختص ببحر الكامل كما عرفتَ. ثم هو بالحاء المهملة، مأخوذ من قولهم ((رجل حَريد)) أي منفرد معتزل، و ((كوكب حريد)) للذي يطلع منفرداً. فلمّا كان لهذا الضرب انفراد عن نظائره سُمى جعلُه كذلك تحريداً. وقال أبو الحسن هو من الحَرَد في الرِّجلين لمَا كان عيباً عندهم شبّهوا هذا العيب به. قال:
وقد كملتْ ستاً وتسعين فالذي ... توسّط في ذا العلم تُسعه حِبَا
نام کتاب : العيون الغامزه علي خبايا الرامزه نویسنده : البَدْر الدَّمَامِيني    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست