و لو انّي وردت عذبا فراتا # عاد لا شكّ فيه ملحا أجاجا
فإلى اللّه أشتكي و إلى الفضل # فقد أصبحت بزاتي دجاجا
و قال عمر بن الهدير:
وقفت، فلا أدري إلى أين أذهب # و أيّ أموري بالعزيمة أركب
عجبت لأقدار عليّ تتابعت # بنحس فأفنى طول دهري التعجّب
و لما التمست الرّزق فانحلّ حبله # و لم يصف لي من بحره العذب مشرب
خطبت إلى الإعدام إحدى بناته # لدفع الغنى إيّاي إذ جئت و مشجب [1]
فأولدتها الحزن النّقي، فما له # على الارض غيري والد حين ينسب
فلو تهت في البيداء و الليل مسبل # عليّ دياجيه لما لاح كوكب
و لو خفت شرا فاستترت بظلمة # لأقبل ضوء الشمس من حيث تغرب
و لو جاد إنسان عليّ بدرهم # لرحت إلى رحلي و في الكف عقرب [2]
و لو يمطر الناس الدنانير لم يكن # بشيء سوى الحصباء رأسي يحصب
و لو لمست كفّاي عقدا منظّما # من الدّرّ أضحى و هو ودع مثقّب [3]
و إن يقترف ذنبا ببرقة مذنب # فإنّ برأسي ذلك الذنب يعصب [4]
و إن أر خيرا في المنام فنازح # و إن أر شرّا فهو مني مقرّب
و لم أغد في أمر أريد نجاحه # فقابلني إلا غراب و أرنب
أمامي من الحرمان جيش عرمرم # و منه ورائي جحفل حين أركب!
و قال آخر:
ليس إغلاقي لبابي أنّ لي # فيه ما أخشى عليه السّرقا
إنما اغلقته كي لا يرى # سوء حالي من يمرّ الطرقا
منزل أوطنه الفقر فلو # يدخل السارق فيه سرقا!
[1] المشجب: ما تعلق عليه الثياب و نحوها.
[2] جاد: تكرم.
[3] الودع: خرز بيض مجوف.
[4] عصب: اشتد.