نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 90
يحتاج إليه؛ ثم قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فوضع رداءه؛ فلما رأى ذلك المهاجرون و الأنصار وضعوا أرديتهم و أكسيتهم يعملون و يرتجزون و يقولون:
لئن قعدنا و النّبيّ يعمل # ذاك إذا لعمل مضلّل
قالت: و كان عثمان بن عفان رجلا نظيفا متنظفا، فكان يحمل اللبنة و يجافي بها عن ثوبه، فإذا وضعها نفض كفيه و نظر إلى ثوبه، فإذا أصابه شيء من التراب نفضه؛ فنظر إليه عليّ رضي اللّه عنه فأنشده:
لا يستوي من يعمر المساجدا # يدأب فيها راكعا و ساجدا [1]
و قائما طورا و طورا قاعدا # و من يرى عن التراب حائدا
فسمعها عمار بن ياسر، فجعل يرتجزها و هو لا يدري من يعني؛ فسمعه عثمان فقال: يا بن سمية، ما أعرفني بمن تعرّض. و معه جريدة، فقال: لتكفّنّ أو لأعترضنّ بها وجهك!فسمعه النبي صلّى اللّه عليه و سلم و هو جالس في ظل حائط، فقال: عمّار جلدة ما بين عينيّ و أنفي، فمن بلغ ذلك منه؟و أشار بيده فوضعها بين عينيه، فكف الناس عن ذلك، و قالوا لعمار: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قد غضب فيك، و نخاف أن ينزل فينا قرآن. فقال أنا أرضيه كما غضب. فأقبل عليه فقال يا رسول اللّه، ما لي و لأصحابك؟قال: و مالك و لهم؟قال: يريدون قتلي، . يحملون لبنة[لبنة]و يحملون عليّ لبنتين. فأخذ به و طاف به في المسجد و جعل يمسح وجهه من التراب و يقول: يا ابن سمية، لا يقتلك أصحابي؛ و لكن تقتلك الفئة الباغية.
فلما قتل بصفين و روى هذا الحديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال معاوية:
هم قتلوه؛ لأنهم أخرجوه إلى القتل!فلما بلغ ذلك عليا قال: و نحن قتلنا أيضا حمزة، لأنّا أخرجناه.
من حرب صفين
أبو الحسن قال: كانت أيام صفين كلها موافقة، و لم تكن هزيمة في أحد الفريقين إلا على حامية ثم يكرّون.