علم اللّه أني أردت أن يقاتل فقوتلت، و أردت أن يرمى فرميت، و أردت أن يعصى فعصيت؛ و لو علم مني أني أردت قتله لقتلت.
و قال حسان بن ثابت لعلي: إنك تقول: ما قتلت عثمان و لكن خذلته، و لم آمر به و لكن لم أنه عنه. فالخاذل شريك القاتل، و الساكت شريك القائل.
أخذ هذا المعنى كعب بن جعيل التغلبي و كان مع معاوية يوم صفين، فقال في علي بن أبي طالب:
و ما في عليّ لمستحدث # مقال سوى عصمة المحدثينا
و إثاره لأهالي الذنوب # و رفع القصاص عن القاتلينا
إذا سيل عنه زوى وجهه # و عمّى الجواب على السائلينا [1]
فليس براض و لا ساخط # و لا في النهاة و لا الآمرينا
و لا هو ساه و لا سرّه # و لا آمن بعض ذا أن يكونا
و قال رجل من أهل الشام في قتلة عثمان رضي اللّه تعالى عنه:
خذلته الأنصار إذ حضر المو # ت و كانت ثقاته الأنصار
ضربوا بالبلاء فيه مع النّا # س و في ذاك للبرية عار
حرمة بالبلاء من حرمة الله # و وال من الولاة و جار
أين أهل الحياء إذ منع الما # ء فدته الأسماع و الأبصار
من عذيري من الزبير و من طلحة # هاجا أمرا له إعصار [2]
تركوا الناس دونهم عبرة العجل # فشبت وسط المدينة نار
هكذا زاغت اليهود عن الحقّ # بما زخرفت لها الأحبار
ثم وافى محمد بن أبي بكر # جهارا و خلفه عمّار
و عليّ في بيته يسأل النا # س ابتداء و عنده الأخبار!
[1] زوى وجهه: صرفه و نحاه.
[2] من عذيري: من يعذرني.