نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 352
بالجنة، فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنهم أفضل منه.
قال: يا إسحاق، أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث اللّه رسوله؟قلت:
الإخلاص بالشهادة. قال: أ ليس السبق إلى الإسلام؟قلت: نعم. قال: اقرأ ذلك في كتاب اللّه تعالى يقول: وَ اَلسََّابِقُونَ اَلسََّابِقُونَ `أُولََئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ[1] ، إنما عنى من سبق إلى الإسلام، فهل علمت أحدا سبق عليّا إلى الإسلام؟قلت: يا أمير المؤمنين، إن عليا أسلم و هو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، و أبو بكر أسلم و هو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرني أيهما أسلم قبل، ثم أناظرك من بعده في الحداثة و الكمال. قلت: عليّ أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة. فقال: نعم، فأخبرني عن إسلام عليّ حين أسلم: لا يخلو من أن يكون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم دعاه إلى الإسلام، أو يكون إلهاما من اللّه؟قال: فأطرقت؛ فقال لي: يا إسحاق؛ لا تقل إلهاما فتقدّمه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم؛ لأنّ رسول اللّه لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبريل عن اللّه تعالى.
قلت: أجل، بل دعاه رسول اللّه إلى الإسلام. قال: يا إسحاق فهل يخلو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر اللّه أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال: فأطرقت، فقال: يا إسحاق، لا تنسب رسول اللّه إلى التكلف؛ فإن اللّه يقول:
وَ مََا أَنَا مِنَ اَلْمُتَكَلِّفِينَ[2] . قلت: أجل يا أمير المؤمنين، بل دعاه بأمر اللّه. قال:
فهل من صفة الجبار جل ثناؤه أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟قلت:
أعوذ باللّه!فقال: أ فتراه في قياس قولك يا إسحاق: «إن عليا أسلم صبيّا لا يجوز عليه الحكم» قد كلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون، فهو يدعوهم الساعة و يرتدّون بعد ساعة، فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء و لا يجوز عليهم حكم الرسول عليه السلام، أ ترى هذا جائزا عندك أن تنسبه إلى اللّه عزّ و جلّ؟قلت: أعوذ باللّه!قال: يا إسحاق، فأراك إنما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عليّا على هذا الخلق، أبانه بها منهم ليعرف مكانه و فضله، و لو كان